وهو يقول إنها شرط فلا بد من دوامها كالوقت، ولهما أن الجماعة شرط الانعقاد فلا يشترط دوامها كالخطبة،
ــ
[البناية]
قلت: في المسألة خمسة أقوال: أحدها: يتمها ظهرا كيفما كان وهو الصحيح. والثاني: جمعة كيفما كان. والثالث: إن بقي معه اثنان أتمها جمعة وهو الأظهر. والرابع: إن بقي معه واحد أتمها جمعة. والخامس: إن انفضوا أو بعضهم بعد تمام الركعة يسجد فيها أتم جمعة، وإلا أتمها ظهرا.
م:(وهو يقول) ش: أي يقول زفر فيما ذهب إليه. م:(إنها) ش: أي إن الجمعة عنه. م:(شرط فلا بد من دوامها) ش: كما في سائر الشروط. م:(كالوقت) ش: فإن دوامه شرط لصحة الجمعة، فكذلك دوام الجماعة.
م:(ولهما) ش: أي ولأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله-. م:(أن الجماعة شرط الانعقاد) ش: أي انعقاد الجمعة لا شرط الأداء. م:(فلا يشترط دوامها) ش: والدليل على ذلك أن المقتدي إذا أدرك ركعة من الجمعة يقضي الجمعة بالاتفاق، وكذا إذا أدرك التشهد عندهما، خلافا لمحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثم حاجة المقتدي إلى الإمام فوق حاجة الإمام إلى المقتدي، لأن الإمام أصل، والمقتدي تبع، ودوام الإمام لم يحصل شرطا لصحة صلاة المقتدي حتى صح صلاة المسبوق في الجمعة، مع أن حاجة المقتدي أكبر، فلأن لا يجعل دوام المقتدي شرطا لصحة الإمام أولى.
م:(كالخطبة) ش: وجه التشبيه هو كون كل واحد من الجماعة والخطبة شرطا لانعقاد الجمعة، ولكن دوام الخطبة ليس بشرط. فكذلك دوام الجماعة، ألا ترى أن الإمام بعدما كبر وسبقه الحدث فاستخلف من لم يشهد الخطبة أتم الجمعة، فكان استخلافه إياه بعد التكبير كاستخلافه بعد أداء ركعة، فهذا مثله، وفي " التجنيس ": خطب وفرغ منها فذهب القوم كلهم وجاء آخرون وصلى بهم أجزأه، لأنه خطب والقوم حضور، وصلى والقوم حضور فتحقق شرط جواز الخطبة.
وعند الشافعي: يجب استئناف الخطبة ولو عاد بعد ذلك القوم ولم يطل الفصل لم يجب استئنافها، ولو طال الفصل ففيه خلاف بين أصحابه، قيل: يجب، وقيل: لا يجب، كذا في " شرح الوجيز " وفي " الأجناس ": لو خطب وحده أو بحضرة النساء لم يجز، وبه قال الشافعي، وعن أبي حنيفة - رحمهما الله: يجوز، والصحيح الأول، وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لو خطب ولم يسمع الرجال جاز، ولا يضر تباعدهم، ولو خطب والقوم نيام أو صم جازت، ذكره في " الذخيرة "، ولو خطب بحضرة الإمام بغير إذنه لم يجز، والإذن بالخطبة إذن بالصلاة، وكذا الإذن بالصلاة إذن بالخطبة وقد سبق هذا ونظائره فيما سبق.