وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن علي وابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام. وأخرج عن عروة قال: إذا قعد الإمام على المنبر فلا صلاة. وعن الزهري قال في الرجل يجيء يوم الجمعة والإمام يخطب يجلس ولا يصلي.
وقال في " المبسوط ": استدل أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بما روي أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد يكتبون القوم الأول فالأول، إلى أن قال: فإذا خرج الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر، وإنما يطوون الصحف إذا طوى الناس الكلام، فأما إذا كانوا يتكلمون فهم يكتبون، قال تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨][سورة ق، الآية: ١٨] » انتهى.
وروى الطحاوي من حديث عوف بن قيس «عن أبي الدرداء أنه قال:"جلس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يوم الجمعة على المنبر يخطب الناس، فتلا آية وإلى جنبي أبي بن كعب - رَحِمَهُ اللَّهُ - فقلت له: يا أبي متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني حتى نزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن المنبر، قال: ما لك من جمعتك إلا ما لغوت، ثم انصرف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجئته فأخبرته، فقلت: يا رسول الله إنك تلوت آية وإلى جنبي أبي بن كعب، فسألته: متى نزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني حتى إذا نزلت زعم أنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغوت، فقال: صدق، فإذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى ينصرف» .
وأخرجه أحمد أيضا في "مسنده" نحوه، غير أن في لفظه «فأنصت حتى يفرغ".» وأخرج البيهقي من حديث عطاء بن يسار «عن أبي ذر، قال: "دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب فجلست قريبا من أبي بن كعب فقرأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سورة براءة، فقلت لأبي: متى نزلت هذه السورة؟ فحصر ولم يكلمني، فلما صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاته، قلت لأبي: إني سألتك فنجهتني ولم تكلمني، فقال أبي: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، فذهبت إلى النبي، فقلت: يا نبي الله كنت بجنب أبي وأنت تقرأ براءة، فسألته: متى أنزلت هذه السورة؟ فنجهني ولم يكلمني ثم قال: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صدق أبي» .