هريرة وابن المسيب وعطاء، واختلفوا في الدنو من الإمام أفضل أو التباعد، قيل: التباعد أفضل لئلا يسمع الظلمة والدعاء لهم، قال الحلواني: الصحيح أن الدنو منه أفضل، اختلفوا في الصف الأول، كان أصحاب ابن مسعود يرون أن الصف الأول ما يلي المقصورة؛ لأنهم كانوا يمنعون العامة من دخول المقصورة، فكان في ذلك احتراز فضيلة الصف الأول في حق العامة، أما في زماننا فلا يمنع، ومن الصف الذي يلي الإمام ذكره في " خزانة الأكمل " وغيره.
اختلفوا فيمن لم يقدر على السجود على الأرض من الزحام، فكان عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقول: يسجد على ظهر أخيه، رواه البيهقي بإسناد صحيح، وبه قال أصحابنا والثوري والشافعي، وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال عطاء والزهري: يمسك عن السجود، فإذا رفعوا سجد، وعندنا لو فعله جاز، وعند الشافعية سجوده على ظهر أخيه واجب في الصحيح.
ونقله النووي عن أبي حنيفة وهو وهم، وقال مالك: تفسد الصلاة إن فعل ذلك، وقال نافع: يومئ إيماء، وفي المرغيناني: ينظر حتى يقوم الناس، فإذا وجد فرجة سجد، ولو سجد على ظهر رجل ساجد على ظهر رجل ساجد آخر لم يجز، وكذا لو وجد فرجة، ومع هذا سجد على ظهر رجل لم يجز، ولو ركع ركوعين مع الإمام فيها ولم يسجد بكثرة الزحام حتى فرغ الإمام.
قال أبو حنيفة: يسجد سجدتين للركعة الأولى ويلغي الثانية ويقضيها، وإن نواها عن الثانية بطلت نيته وكانت للركعة الأولى. قال أبو جعفر: على أحد الروايتين عن علمائنا، وعلى الرواية الأخرى تكون السجدتان للثانية.
وقال أبو جعفر: إن ركع مع الإمام في الأولى ولم يسجد وركع معه في الثانية وسجد، فالثانية تامة ويقضي الأولى ركوعا وسجودا.
اختلفوا فيمن زحم في الجمعة عن الركوع والسجود متى فرغ الإمام، فعندنا يصلي ركعتين؛ لأنه أدرك أول الصلاة فهو الأحق، كما لو نام خلفه وهو قول الحسن البصري والأوزاعي والنخعي وأحمد، وقال قتادة وأيوب السجستاني والشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وأبو ثور: يصلي أربعا. وقال مالك: أحب إلي أن يصلي أربعا.
وفي " المبسوط ": الصحيح عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومحمد جواز الجمعة في مصر واحد في موضعين وأكثر، وفي "جوامع الفقه " عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - روايتان، والأظهر عنه عدم الجواز في الموضعين، فإن فعلوا فالجمعة للأوليين، وإن وقعتا معا أو جهلت فسدتا. وفي " قنية المنية ": لما ابتلي أهل مرو بإقامة الجمعتين بها مع اختلاف العلماء في جوازهما أمر.... بأداء الأربع بعد الجمعة احتياطا.
واختلفوا في نيتها، قيل: ينوي ظهر يومه، وقيل: آخر ظهر عليه، والأحسن وقيل الأحوط