لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يفعل ذلك مع حرصه على الصلاة، ثم قيل: الكراهة في المصلى خاصة،
ــ
[البناية]
تطوع بعد الفراغ من الخطبة. وقال أبو بكر الرازي: معناه ليس قبلها صلاة مسنونة لا أنها تكره، إلا أن الكرخي نص على الكراهة قبل العيد حيث قال: يكره لمن حضر المصلى التنفل قبل صلاة العيد.
وفي " التجريد": إن شاء تطوع بعد الفراغ، من الخطبة ولم يذكر أنه تطوع في الجبانة أو في بيته، فإنه قال: لأنه يشبه السنة، فلو أراد أن يفعل ذلك فليفعله في منزله، وكان محمد بن مقاتل الرازي يقول: لا بأس بصلاة الضحى قبل الخروج إلى المصلى، وإنما يكره في الجبانة. وعامة المشايخ على الكراهة مطلقا، وعن علي وابن مسعود وجابر وابن أبي أوفى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنهم كانوا لا يرونها قبلها ولا بعدها، وهو قول ابن عمر ومسروق والشعبي والضحاك والقاسم وسالم والزهري ومعمر وابن جريج ومالك وأحمد. وقال أنس والحسن وعروة والشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يصلي قبلها وبعدها، وعن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في غير الإمام.
وقال أبو مسعود البزدوي: لا يصلي قبلها ويصلي بعدها، وبه قال علقمة، والأسود، ومجاهد، والثوري، والنخعي، والأوزاعي وابن أبي ليلى، وفي "الجواهر " للمالكية: لا يتنفل قبلها ولا بعدها في هذا اليوم، حكى ذلك عن ابن حبيب المالكي، وهو مردود بالإجماع، وعند أشهب لا يتنفل قبلها في المسجد ويتنفل بعدها، وفي " المغني ": قال أحمد: أهل الكوفة لا يتطوعون قبلها ولا بعدها.
م:(لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لم يفعل ذلك مع حرصه على الصلاة) ش: أي لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يصل قبل العيد مع حرصه على فعل الصلاة، وقد روى الأئمة الستة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج فصلى بهم العيد ولم يصل قبلها ولا بعدها.»
وروى ابن ماجه في "سننه " من حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يصلي قبل العيد شيئا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين» .
م:(ثم قيل الكراهة في المصلى خاصة) ش: قائله محمد بن مقاتل الرازي، وأشار بقوله خاصة إلى أنه لا يكره في غير المصلى، وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه رأى في المصلى أقواما يصلون قبل الإمام، فقال: ما هذه الصلاة؟ لم نكن نعرفها على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقيل له: ألا تنهاهم؟ فقال: أكره أن أكون من الذي قال الله تعالى في حقهم: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى - عَبْدًا إِذَا صَلَّى}[العلق: ٩ - ١٠] وقال واحد منهم: إني أعلم أن الله لا يعذب عبدا على الصلاة، قال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنا أعلم أن الله لا يثيب على مخالفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قوله "خاصة" منصوب على الحال من الكراهة، والعامل فيه "قيل"، وكذلك الكلام في عامة.