للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء.

ــ

[البناية]

لمخالفة ما نقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

م: (والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء) ش: التعريف مصدر مبتدأ، وخبره قوله: " ليس بشيء "، وإنما قيد بقوله: " الذي يصنعه الناس " لأن التعريف يجيء لمعان: للإعلام وللتطيب من العرف وهو الريح، وإنشاد الضالة والوقوف بعرفات والوقوف بغيرها شبها بأهلها، وهذا المعنى هو المراد هاهنا على ما يجيء الآن، وفي " المغرب " التعريف المحدث هو التشبه بأهل عرفة في غير عرفة، وهو أن يخرجوا إلى الصحراء فيدعوا ويتضرعوا، وقال الأترازي: التعريف في اللغة الوقوف بعرفات.

قال الفرزدق:

إذا ما التقينا بالمحصب من منى ... صبيحة يوم النحر من حيث عرفوا

قلت: ليس معنى هذا اللفظ الوقوف بعرفات فقط، وإنما هو مستعمل في اللغة لمعان كثيرة كما ذكرنا الآن.

قوله: م: (ليس بشيء) ش: أي ليس بشيء في حكم الوقوف كقول محمد في الأصل: دم السمك ليس بشيء، أي ليس بشيء في حكم الدماء، وهذا لأنه شيء حقيقة لكونه موجودا، إلا أنه لما لم يكن معتبرا نفى عنه اسم الشيء، ويقال: ليس بشيء معتبر، يعني غير مسنون ولا مستحب يتعلق به الثواب، وسئل مالك عن ذلك، قال: وإنما مفاتيح هذه الأشياء البدع.

وفي " المحيط ": ولم يرد به محمد نفي مشروعيته أصلا، لأنه دعاء وتسبيح، بل أراد نفي وجوبه كما قيل في سجدة الشكر عند أبي حنيفة. وعن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله- في غير رواية الأصول: لا يكره، وبه قال أحمد؛ لما روي أن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه فعل ذلك بالبصرة.

قلنا: ذلك محمول على أنه ما كان للتشبيه بل كان للدعاء والتضرع، وهذا لو طاف حول مسجد سوى الكعبة يخشى عليه الكفر، حتى لو اجتمعوا لشرف ذلك اليوم لا للتشبيه جاز، كذا في " جامع قاضي خان " والتمرتاشي وفي " جمع التفاريق " عن أبي يوسف: يكره أن يجتمع قوم فيعتزلون في موضع يعبدون الله - عز وجل - ويفرغون أنفسهم لذلك، وأهل كان معهم أهلوهم.

وفي " الكافي ": قيل: يستحب ذلك؛ لأنه سبب لأهل الطاعة، فيكون لهم ثوابهم، ولهذا فعله ابن عباس، وخروجهم إلى الجبانة سنة وإن وسعهم الجامع.

وقال السروجي: روي عن عمرو بن حريث وثابت ومحمد بن واسع ويحيى بن معين مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>