للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإذا انكسفت الشمس صلى الإمام بالناس ركعتين

ــ

[البناية]

أي ليست تكسف ضوء النجوم مع طلوعها، ولكن لقلة ضوئها وبكائها عليك لم يظهر لها نور، وكذلك كسف القمر، إلا أن الأجود فيه أن يقال خسف القمر، وذكر الإمام جمال الدين الأديب في شرح الأبيات يرثي جريرة هذا عمر بن عبد العزيز، ومعنى قوله " تبكي ": أي تغلبت النجوم في البكاء، يقال بكيته فبكيته، أي غلبته في البكاء، وروي " النجوم " بالرفع والنصب، فعلى تقدير الرفع كان الواو في والقمر بمعنى مع والألف للإشباع.

م: (قال: وإذا انكسفت الشمس صلى الإمام بالناس ركعتين) ، ش: أصل مشروعية صلاة الكسوف بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩] (الإسراء: الآية ٥٩) ، والكسوف آية من الآيات المخوفة، والله تعالى يخوف عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلى الطاعة التي فيها فوزهم.

وأما السنة فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا رأيتم شيئا من هذا الإفزاع فافزعوا إلى الصلاة» .

وأما الإجماع فإن الأمة قد اجتمعت عليها من غير إنكار أحد ثم يحتاج بعد هذا إلى معرفة ستة أشياء، سبب شرعيتها وهو الكسوف، لأنها تضاف إليه ويتكرر بتكرره وشرط جوازها ما اشترط لسائر الصلاة. وصفتها وهي سنة وليست بواجبة على الأصح، وقال بعض مشايخنا إنها واجبة للأمر بها، ونص في " الأسرار " على وجوبها وكيفية أدائها بالجماعة، ولكن اختلفوا فيها كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

وموضع صلاته أنه يصلي في المسجد الجامع أو في مصلى العيد ووقتها هو الوقت الذي يستحب فيه سائر الصلاة دون الأوقات المكروهة، وبه قال مالك. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يكره في الأوقات المكروهة، فقوله ركعتين. وفي " المحيط " عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - إن شاءوا صلوا ركعتين، وإن شاءوا صلوا أربعا.

وفي " البدائع " و " المفيد " و " التحفة " و " العتيبة ": إن شاءوا صلوها ركعتين وإن شاءوا أربعا، وإن شاءوا أكثر من ذلك، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - والجماعة فيها أفضل، فلذلك قال: يصلي الإمام بالناس، ويجوز فرادى، ذكره في " المحيط "، وفي " الذخيرة " الجماعة فيها سنة ويصلي بهم الإمام الذي يصلي الجمعة والعيدين. وفي المرغيناني: يؤمهم فيها إمام حيهم بإذن السلطان، لأن اجتماع الناس ربما أوجب فتنة وضلالا ولا يصلون في مساجدهم بل يصلون جماعة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>