للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

على هذا توفيقا بين الروايتين.

قلت: هذا الاحتمال لا يجدي شيئا، لأنا وإن سلمنا هذا في ركوعين، فماذا يقال في ثلاث ركوعات في رواية وأربع ركوعات في أخرى كما ذكرنا.

وقال الأترازي في قوله: " والحال أكشف على الرجال ": فيه نظر، لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يتمسك بما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وحدها حتى يلزم ترجيح رواية الرجال على رواية النساء، بل يتمسك بروايتها ورواية ابن عباس فلا يتأتى الترجيح إلا بما قلنا من القياس.

قلت: ابن عباس في ذلك الوقت كان في صف الصبيان، فتكون روايته ورواية عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - على السواء على هذا.

قال الأكمل: فإن قيل روى حديثها من الرجل ابن عباس، وقد كان في صفهم.

أجيب: بأنه كان في صف الصبيان في ذلك الوقت.

قلت: هذا أيضا لا يجوز، وكل منهما حام حول الحمى فلم ينجيا، لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لم يتعلق بحديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وحده، في الاحتجاج لمذهبه، بل يتعلق به وبحديث جابر وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهما، بل الصواب ها هنا أن يقال اختلفوا في صلاة الكسوف، بل يقال تحروا الكل، وكل واحد منهم تعلق بحديث، ورآه أولى من غيره بحسب ما أدى اجتهاده إليه في صحته وموافقته للأصل المعهود في أبواب الصلاة.

وأبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - تعلق بأحاديث موافقة للقياس في أبواب الصلاة، لأن في سائر الصلوات من المكتوبات والتطوع مع كل ركعة سجدتان، فكذلك ينبغي أن تكون صلاة الكسوف كذلك.

وقال أبو إسحاق المروزي وأبو الطيب وغيرهما: تحمل أحاديثنا على الاستحباب وأحاديثهم على الجواز، وقال السروجي: فلم ينقل ذلك بالمدينة إلا مرة واحدة، فإذا حصل هذا الاضطراب الكثير من الركوع واحد إلى عشرة ركوعات يعمل بما له أصل في الشرع، انتهى.

قلت: فيه نظر، لأن بعضهم قالوا: صلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الكسوف غير مرة، وفي غير سنة فروى كل واحد ما شاء هذه من صلاته وضبطه من فعله.

وذكر النووي في " شرح المهذب " أن عند الشافعية - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لا تجوز الزيادة على ركوعين، وبه قطع جمهورهم، قال: وهو ظاهر نصوصه.

قلت: الزيادة من العدل مقبولة عندهم، وقد صحت الزيادة على الركوعين ولم يعلموا بها،

<<  <  ج: ص:  >  >>