والترجيح قد مر من قبل، كيف وأنها صلاة النهار، وهي عجماء، ويدعو بعدها حتى تنجلي؛ الشمس لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذا رأيتم من هذه الأفزاع شيئا فارغبوا إلى الله بالدعاء»
ــ
[البناية]
ش: حديث ابن عباس روه أحمد في " مسنده " عن عكرمة عن ابن عباس قال: «صليت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكسوف فلم أستمع منه فيها حرفا من القراءة» ورواه أبو يعلى الموصلي أيضا في " مسنده " وأبو نعيم في " الحلية " والطبراني في " معجمه " والبيهقي في " المعرفة ".
وحديث سمرة بن جندب، رواه الأربعة عن ثعلبة بن عباد العبدي قال: «قال سمرة بن جندب: بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا.. الحديث وفيه:" صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكسوف لا نسمع له صوتا» وقد مر هذا الحديث في هذا الباب بتمامه.
م:(والترجيح قد مر من قبل) ، ش: أراد به قوله: " والحال أكشف على الرجال لقربهم "، م:(كيف وأنها صلاة النهار وهي عجماء) ، ش: كيف اسم، وعن سيبويه أنه ظرف، ومعناه كيف يجهر بالقراءة في صلاة الكسوف والحال أنها صلاة النهار عجماء، أي ليس فيها قراءة مسموعة، أخذ من العجماء التي هي البهيمة، سميت به لأنها لا تتكلم، وكل من لا يقدر على الكلام فهو أعجم. م:(ويدعو بعدها) ، ش: أي ويدعو الإمام بعد صلاة الكسوف. م:(حتى تنجلي الشمس) ، ش: أي حتى تنكشف، لأن الصلاة كانت الدعاء، فإذا فرغوا من الصلاة يجب أن يدعوا.
وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يخطب خطبتين بعد كما في العيدين، وبه قال أحمد، واحتجا بما روى البخاري ومسلم عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا..» الحديث.
ولنا أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطب خطبتين أمر بالصلاة ولم يأمر بالخطبة ولو كانت مسنونة فيهما لبينهما ولم ينقل عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه خطب خطبتين، فليس عليهما دليل ولا القياس، وحديث ابن مسعود وابن عمر وعائشة في " الصحيحين " ولم يذكر الخطبة.
والجواب عن الحديث المذكور أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطب ليردهم عن قولهم: إن الشمس كسفت لموت إبراهيم بن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:«إن الشمس والقمر ... » الحديث هو محمول على الدعاء.
م: (لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا رأيتم من هذه الأفزاع شيئا فارغبوا إلى الله بالدعاء» ، ش: هذا اللفظ غريب وهو في " الصحيحين " من حديث المغيرة بن شعبة: «فإذا رأيتموها فارغبوا إلى ذكر الله» .