ابن مسيرة، ثنا ابن فضيل، ثنا خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود، قال:«صلى رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلاة الخوف فقاموا صفا خلف رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وصفا يستقبل العدو، فيصلي بهم النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثم جاء الآخرون فقاموا مقامهم واستقبل هؤلاء العدو فصلى بهم النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ركعة، ثم سلم فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا ثم ذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبل العدو، ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا» .
وروى البيهقي أيضا، وقال أبو عبيدة: لم يسمع من أبيه، وخصيف ليس بالقوي.
قلت: أبو عبيدة اسمه عامر بن عبد الله ثقة، أخرج له البخاري محتجا به في غير موضع. وروى له مسلم وغيره، وخصيف بضم الخاء المعجمة ابن عبد الرحمن وثقه أبو زرعة، وابن مغيرة وابن سعد. وقال النسائي: صالح.
وفي " المبسوط " روى سالم عن ابن عمر «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلى بالطائفتين» كما روى ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
قلت: حديث ابن عمر أخرجه الأئمة الستة في كتبهم، واللفظ للبخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قال:«غزوت مع رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قبل نجد فوازينا العدو فصاففنا لهم فقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بنا فقامت طائفة معه، فصلى وأقبلت طائفة على العدو وركع رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل، فجاءوا فركع رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بهم ركعتين وسجد سجدتين ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه وسجد سجدتين» وقال القرطبي في شرح مسلم: والفرق بين حديث ابن عمر وحديث ابن مسعود أن في حديث ابن عمر كان قضاؤهم، في حالة واحدة، ويبقى الإمام كالحارس وحده. وفي حديث ابن مسعود كان قضاؤهم متفرقا عل صيغة صلاتهم.
واستدل السروجي لأصحابنا بحديث ابن عمر هذا، وفي حديث ابن عمر لم يذكر كيفية قضائهم، فحمل على تفسير ابن مسعود، فإنه نص في الكيفية، وهكذا نص أشهب من المالكية على تفسيره، واختاره موافقا لمذهبهم، وقال ابن حبيب: قضوا معا، وهو باطل.
واحتج الشافعي وأحمد بحديث صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلاهما» كمذهبهما، في غزوة ذات الرقاع في صحيحي البخاري ومسلم، ورواه مالك مرفوعا، ورجح موقوفه على سهل بن أبي حثمة على مرفوعه، [....