ويصلي بالطائفة الأولى من المغرب ركعتين وبالثانية ركعة واحدة،
ــ
[البناية]
بإزاء العدو، فصلى ركعتين، ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه، فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فكانت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعا، ولأصحابه ركعتين ركعتين» .
واعلم أن هذا الحديث صريح في أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سلم في ركعتين، وحديث جابر ليس صريحا فلذلك حمله بعضهم على حديث أبي بكرة، ومنهم النووي، ومنهم من لم يحمله عليه، ومنهم القرطبي، وقال المنذري في " مختصره ": قال بعضهم: كان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في بعض سفر غير حكم سفر وهم مسافرون. وقال بعضهم: هذا خاص بالنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لفضيلة الصلاة خلفه، وقيل: فيه دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل واعترض بأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لم يسلم في الفرض كما في حديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقيل: إنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كان مخيرا بين القصر والإتمام في السفر، فاختار الإتمام واختار لمن خلفه القصر. وقال بعضهم: كان في حضر ببطن نخلة على باب المدينة، وكان خائفا فخرج منه محترسا. وقيل قد يتقوى هذا بحديث أخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي: أخبرنا الفقيه ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين، ثم سلم. ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم» . وأخرج الدارقطني عن عتيبة عن الحسن عن جابر «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان محاصرا يحارب فنودي بالصلاة، فذكره نحوه» والأول أصح إلا أن فيه شائبة الانقطاع، قال: شيخ الشافعي مجهول.
وأما الثانية ففيه عيينة بن سعيد القطان الواسطي ضعفه غير واحد وقيل لم يحفظ عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه صلى صلاة الخوف قط في حضر، ولم يكن له حرب قط في حضر إلا يوم الخندق، ولم تكن آية الخوف نزلت بعد، ولما ذكر الطحاوي حديث أبي بكرة المذكور، قال محمد: إن يكن ذلك كان وقت كانت الفريضة تصلى مرتين، فإن ذلك كان يفعل أول الإسلام، حتى نهي عنه، ثم ذكر حديث ابن عمر «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين» قال: والنهي لا يكون إلا بعد الإباحة.
م:(ويصلي بالطائفة الأولى، ركعتين من المغرب، وبالثانية ركعة واحدة) ش: وهذا قول عامة أهل العلم. وقال الثوري: يصلي بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين، وهو أحد قولي الشافعي، وأصحهما الأول، وصلاها هكذا علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ليلة الهرير، بفتح الهاء وكسر الراء من ليالي صفين، سميت بذلك لأنهم كانت لهم هرير عند حمل بعضهم على بعض،