التلقين حقيقة، ما يطاوعه التلقن، وحصول ذلك من الميت محال، فالأمر به حقيقة يكون أمرا للعاجز عنه، والعقل يأباه فوجب حمله على هذا المعنى.
فإن قلت: عند أهل السنة، هذا على حقيقته لأن الله تعالى يحييه على ما جاءت به الآثار فلم يحمله على المجاز.
قلت: لأن المقصود من ذلك أن يكون آخر كلام الميت كلمة الشهادة، فالتلقين في قبره لا يساعده المقصود، وقد قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من كان آخر كلامه قول لا إله إلا الله دخل الجنة» رواه أبو هريرة وأخرجه ابن حبان، وعزاه ابن الجوزي للبخاري، وليس كذلك، فإنه ليس فيه وجعله المحب الطبري من المتفق عليه، وليس كذلك، ومعنى التلقين أن تذكر بين يديه، وإذا قال مرة لا تعاد عليه إلا أن يتكلم، ولا يقال له قل.
وفي شرح " الوجيز " ولا يلح عليه ولا يواجهه، بل يذكر بين يديه، وهذا التلقين مستحب بالإجماع.
وأما التلقين بعد الموت فلا يلقن عندنا في ظاهر الرواية، وعند الشافعي يستحب أن يلقن بعد الدفن، فيقال يا عبد الله أو يا أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق، والنار حق والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نبيا ورسولا، وبالقرآن إماما، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخوانا، لظاهر قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لقنوا موتاكم» كذا في " شرح الوجيز ".
قلت: روى الطبراني «عن أبي أمامة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: " إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل يا فلان بن فلان، فإنه يسمعه ولا يجيبه، ثم يقول: يا فلان بن فلان، فإنه يستوي قاعدا ثم يقول يا فلان بن فلان فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول انطلق بنا ما يقعدنا عند من لقن حجته.
قال: فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أبيه قال ينسبه إلى أمه حواء - عَلَيْهَا السَّلَامُ - يا فلان بن حواء» إسناده صحيح، وقد قواه الضياء في أحكامه، كذا قيل، ولكن الراوي عن أبي