قلت: لا نسلم ذلك، فإن مسلما قد أخرج له في المتابعات، وفي " الكمال " روى له مسلم وأبو داود والترمذي، ولما أخرج أبو داود حديثه هذا سكت عنه، وذلك دليل رضاه بصحته.
فإن قلت: في سند حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو سيء الحفظ.
قلت: قالوا إن حديثه يصلح للمتابعات، وإذا انفرد فحسن، وإذا خالف فلا يقبل، وروى الحاكم من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ما يعضد رواية ابن عقيل هذه.
ولنا في هذا الباب حديث آخر، رواه ابن عدي في " الكامل " عن ناصح بن عبد الله الكوفي عن سماك عن جابر بن سمرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«كفن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أثواب، قميص وإزار ولفافة» . وروى محمد بن الحسن في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كفن في حلة يمانية وقميص» . وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " وأخرج عن الحسن نحوه.
قوله:" ثلاثة أثواب " الأثواب جمع ثوب. وقوله:" بيض " بكسر الباء جمع أبيض. وقوله:" سحولية " بفتح السين ثياب منسوبة إلى السحول، وهو القشر، لأنه يسحلها أي يقشرها، أو سحول قرية باليمن، وبالضم جمع سحل، وهو الثوب الأبيض من القطن، وعلى هذا ذكرها مع البيض للتأكيد، وفيه شذوذ من حيث نسبتها إلى الجمع، وتجمع على سحل أيضا، وقيل بالضم أيضا اسم القرية. وفي " المغرب " الفتح هو المشهور.
وقال الهروي: بفتح السين وهي ثياب منسوبة إلى قرية باليمن، وعن الأزهري بالضم. وجاء في رواية " ثلاثة أثواب سحول " بالضم، بدل من الأثواب جمع سحل أو وصف معناه بيض.
م:(ولأنه أكثر ما يلبسه عادة في حياته، فكذا بعد مماته) ش: هذا دليل عقلي، أي ولأن الميت أكثر ما يلبس الثياب الثلاث عادة في حياته فكذلك ينبغي أن يكون كفنه ثلاثة أثواب بعد مماته اعتبارا بحال الحياة.
وفي " المبسوط " وغيره: لأنه كان يخرج في ثلاثة أثواب في العادة قميص وسراويل وعمامة، وفيه نظر، لأن عادة الخارج من بيته أن يكون في أربعة أثواب يلبس فوق القميص قباء أو جبة أو نحوهما، ثم الزيادة على الثلاثة فقد ذكر في " الذخيرة " في كتاب الحي لو صام يكفن