للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوأ السلب.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: قال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لثوبيه الذي كان مرض فيهما: اغسلوهما وكفنوني فيهما، فقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ألا نشتري لك جديدا؟ قال: لا، إن الحي أحوج إلى الجديد من الميت.

وروي أيضا عن جريج عن عطاء، قال: سمعت عبيد بن عمير يقول: أمر أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إما عائشة وإما أسماء بنت عميس بأن يغسل ثوبين كان مرض فيهما ويكفن فيهما، فقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أو ثيابا جددا؟ قال: الأحياء أحق بذلك.

ورواه ابن سعد في " الطبقات " أنا الفضل بن دكين أنا سيف بن أبي سليمان، قال: سمعت القاسم بن محمد قال: قال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين حضره الموت: كفنوني في ثوبي هذين اللذين كنت أصلي فيهما واغسلوهما فإنها للمهل والتراب.

ورواه أيضا عن الواقدي عن معمر بسند عبد الرزاق ومتنه، وذكره محمد بن الحسن في كتاب " الآثار " بلاغا، فقال: بلغنا عن أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما.

قلت: العجب من السروجي كيف يقول في الكتاب لقول أبي بكر الصديق اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما لا أصل له.

نعم روى البخاري خلاف هذا أخرج عن عائشة أن أبا بكر قال لها: في كم كفن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، قال: في أي يوم توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قلت: يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قال: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل فنظر إلى ثوب كان مرض فيه به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيهما، قالت: إن هذا أخلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح، انتهى.

الردع بفتح الراء اللطخ والأثر، والمهلة بضم الميم وكسرها وفتحها هي دم الميت وصديده.

والجواب عن قولها ليس فيها قميص أن معناه لم يتخذ قميص جديد أو قميص كامل له كمان ودخاريص، ويقال معناه لم يكن فيها قميص الأحياء، وأيضا حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - معارض بما روي عن عبد الله بن المغفل وابن عباس، والأولى أن يعمل بروايتهما، لأنهما حضرا تكفين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعائشة لم تحضر، والحال أكشف على الرجال، لأنهم هم المباشرون،

<<  <  ج: ص:  >  >>