فإن قلت: هذا حجة عليكم لأنه يدل على أن الخارج من غير السبيلين ليس بحدث.
قلت: مقصوده أن يأتي بدليل من الحديث على أن الخارج من السبيلين حدث وهو يدل على ذلك قطعا، وأما دلالته على ما ذكرنا، فلنا أحاديث سنذكرها، وحديث مالك وهذا حجة عليه لأنه شرط المعتاد، وكلمة "ما" فيه عامة تتناول المعتاد وغيره، وقال عبد الحق في " الأحكام الكبرى ": أخرج أحمد من حديث داود بن [......] قال: حدثنا شعبة عن قتادة، قال:«سئل أنس مما كان يتوضأ رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: فقال: من الحدث، وأذى المسلم، قيل: وأنتم، قال: ونحن» ثم قال: وهذا لا يرويه عن شعبة غير داود وهو منكر المتن، وقال البخاري: وهو منكر الحديث، ثم قال عبد الحق: وهو ثقة في دينه.
م: (وكلمة "ما" عامة فتتناول المعتاد وغيره) ش: أي كلمة "ما" التي في قوله: "ما يخرج من السبيلين"، وأشار به إلى نفي قول مالك فإنه يقول: لا وضوء بما يخرج نادرا كالحصاة، والدود، ودم الاستحاضة مستدلا بأن الله تعالى كنى بالغائط على الوجه الذي ذكرنا وهو قضاء الحاجة المعتادة فلا يكون غيرهما ناقضا. قلنا: تقييد بلا دليل في مقابلة ما يدل على خلافه وهو عموم كلمة ما، وفي " التوشيح " استدل من قال: بأن غير المعتاد لا ينتقض بقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» ، رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة من رواية أبي هريرة. وبحديث صفوان بن عباد المراري قال:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا إذا سافرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، وفي رواية: إلا من جنابة أو من غائط وبول ونوم» وللجمهور حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في المذي:"يغسل ذكره، ويتوضأ" وفي رواية: "يتوضأ وضوء الصلاة» رواه البخاري ومسلم. وعن ابن مسعود، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قالا. في الودي الوضوء، رواه البيهقي، والمذي والودي غير معتادين، وقد وجب فيهما الوضوء ولأنه خارج من السبيل فينقض كالريح والغائط ولأنه إذا وجب الوضوء بالمعتادة، والذي تعم به البلوى بغيره أولى.
والجواب عن حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنا أجمعنا على أنه ليس المراد حصر نواقض الوضوء في الريح، فإن زوال العقل والنوم من النواقض ولم يذكر فيه بل المراد نفي وجوب الوضوء بالشك في خروج الريح حتى يدل عليه ما يرفع الشك من ريح أو صوت بدليل ما