للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأينا الناس تركوا عن آخرهم الصلاة على قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو اليوم كما وضع

ــ

[البناية]

النفل بالصلاة على الميت م: (رأينا الناس تركوا عن آخرهم الصلاة على قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو اليوم) ش: أي والحال أنه اليوم م: (كما وضع) ش: لأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -.

١ -

فإن قلت: الاقتصار على صلاة غير الولي جائز، وذلك دليل على سقوط الفرض، ومع هذا لو أعاد الولي جاز فعلم أن التنفل بها مشروع.

قلت: صلاة غير الولي إنما تعتبر عند عدم تعرض الولي، فإذا تعرض بالإعادة زال حكم صلاة غيره، فكان للميت بغير صلاة عليه، فإذا صلى الولي يكون ما صلاه هو الفرض، فإذا كان هو الفرض فكيف يكون نفلا.

فإن قلت: ترك الناس الصلاة على قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كان خوفا من أن يتخذ قبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسجدا أو لم يكن ذلك لأجل عدم مشروعية التنفل بها.

قلت: لا يلزم من الصلاة على قبره اتخاذه مسجدا، ألا ترى أنهم جوزوا أن يصلى عند قبور أهل العلم والأولياء مع مزيد اعتقاد العامة في التعظيم لهم الخارج عن الشرع.

فإن قلت: حق الميت وإن كان مقضيا بالصلاة مرة فلا يوجب سقوطه أولا، لأن الصلاة في الحقيقة دعاء، وهو باق كالوضوء، شرع لإقامة الفرض، والفرض يسقط بواحد، لكن لو أعاده لكل صلاة كان حسنا.

قلت: الأصل أن الميت لا ينتفع بالصلاة عليه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] (النجم: الآية ٣٩) ، ولكن عرف هذا شرعا بخلاف القياس، فإذا كان كذلك سقط بالمرة الواحدة فلم يتصور الثاني قضاء من عندنا بلا توقيف، بخلاف الدعاء فإن التوقيف فيه باق كما بقي بالأمر بالصلاة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. هذه على سبيل الدعاء.

فإن قلت: صلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حمزة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سبعين مرة، وكان الفرض قد تأدى بالأولى؟ قلت: أجيب عنه بجوابين: الأول: أنه كان موضوعا بين يديه فيؤتى بواحد واحد من الذين استشهدوا وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي على كل واحد صلاة، فظن الراوي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى على حمزة في كل مرة، فقال: صلى على حمزة سبعين مرة. الثاني: يجوز أن يكون المراد من قول الراوي صلى على حمزة سبعين مرة للمعنى اللغوي، وهو الدعاء، أي دعا سبعين مرة.

فإن قلت: قد صلى كل واحد من الصحابة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة منفردة، فدل على جواز التكرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>