ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ولا يسجى قبر الرجل، لأن مبنى حالهن على الستر، ومبنى حال الرجال على الانكشاف، ويكره الآجر
ــ
[البناية]
م:(ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد) ش: أي يغطى قبر المرأة بثوب إلى أن يجعل اللبن على لحدها. يقال سجى يسجي تسجية، أي غطى تغطية، والمسجى المغطى، وثلاثيه سجى، يقال سجى الليل، إذا أظلم، قال الله تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[الضحى: ٢][الضحى: ٢] وذكر في تفسير النسفي إذا أقبل بظلامه، وعن الضحاك غطى كل شيء، وعن قتادة إذا سكن بالخلق واستقر ظلامه، وقال الجوهري: سجى يسجو سجوا سكن ودام، وقَوْله تَعَالَى:{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[الضحى: ٢] إذا دام وسكن، ومنه البحر الساجي، وسجيت الميت تسجية إذا مددت عليه ثوبا.
م:(ولا يسجى قبر الرجل) ش: وبه قال مالك وأحمد، والمشهور من مذهب الشافعي أن يسجى قبر الرجل والمرأة آكد، وتعلق بحديث ضعيف، وهو ما رواه البيهقي من حديث ابن عباس قال:«جلل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبر سعد بثوبه» ثم قال: لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي عيزار وهو ضعيف، وحكى الرافعي وجها في اختصاصه بالمرأة، واختاره أبو الفضل، وحكى ابن المنذر عن عبد الله بن زيد وشريح كراهة ذلك للرجل. وروى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أتاهم وقد دفنوا ميتا وبسطوا على قبره ثوبا فجذبه، وقال: إنما يصنع هذا بالنساء.
وشهد أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دفن أبي زيد الأنصاري فخمر القبر بثوب فقال عبد الله بن أنس: ارفعوا الثوب، إنما يخمر النساء وأنس شاهد على شفير القبر ولا ينكر، ولأن فيه تشبها بالنساء ولهذا لا تنعش جنازته، والمرأة عورة مستورة حتى زيد في كفنها والستر يليق بالنساء إلا لضرورة، وهي الحر الشديد والمطر والثلج على الداخلين في القبر، وقد أول بعضهم حديث سعد إنما سجي لأن كفنه لم يكن ستر بدنه فسجي حتى لا يقع اطلاع أحد على شيء من أعضائه وفيه تأمل.
م:(لأن مبنى حالهن) ش: أي حال النساء م: (على الستر) ش: لأنهن عورة مستورة م: (ومبنى حال الرجال على الانكشاف) ش: ولهذا إذا انشكف رأس الرجل وهو في الصلاة، أو ظهره، أو بطنه لا تبطل صلاته، بخلاف المرأة فكذلك اختصت المرأة بالنعش على جنازتها، وقد صح أن قبر فاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سجي بثوب ونعش على جنازتها وأوصت قبل موتها أن تستر جنازتها واتخذوا لها نعشا من جريد النخل فبقي سنة في حق النساء.
م:(ويكره الآجر) ش: بضم الجيم وتشديد الراء، قال الجوهري: الآجر الذي يبنى به فارسي معرب، ويقال أيضا آجور على فاعول.