وقال القاضي عياض في " الإكمال ": واختار أكثر العلماء التسنيم وجماعة أصحابنا وأبي حنيفة والشافعي، وفي " المحيط ": وتسنيم القبر قدر أربع أصابع أو شبر. وفي " قاضي خان " قدر شبر، وفي " المهذب ": يشخص القبر بقدر شبر.
م:(ولا يسطح أي لا يربع) ش: وقال الشافعي يسطح، ومثله عن مالك، واحتج بما رواه عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «سطح قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه الحصى» وبما رواه الترمذي عن أبي الفتاح الأسدي واسمه حبان، قال لي علي:«ألا بعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته ولا تمثالا إلى طمسته» .
وبما رواه أبو داود عن القاسم بن محمد قال: دخلت على عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فقلت: يا أماه اكشفي لي عن قبر رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا طن مسطوح ببطحاء العرصة الحمراء، فرأيت رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مقدما وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وعمر رأسه عند رجل النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
ولنا ما أخرجه البخاري " في صحيحه " عن أبي بكر بن أبي عياش أن سفيان التمار حدثه أنه رأى قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسنما. وهو من مراسيل البخاري، ولم يرو البخاري عن ابن دينار ولا التمار هذا وقد وثقه ابن معين وغيره.
ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه " ولفظه عن سفيان قال: دخلت البيت الذي فيه قبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فرأيت قبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وقبر أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مسنما.
والجواب: عما رواه الشافعي أنه ضعيف ومرسل، وهولا يحتج بالمرسل، وعما رواه الترمذي أن المراد من المشرفة المذكورة فيه هي المبنية التي تطلب بها المباهاة، وعما رواه أبو داود أن رواية البخاري تعارضها.
فإن قلت: قال البيهقي والبغوي رواية القاسم بن محمد أصح وأولى أن تكون محفوظة.
قلت: قال صاحب " اللباب ": هذه كبوة منهما من عارمة، وفيه من باب التعصب والعناد، ولا أحد يرجح رواية أبي داود على رواية البخاري في صحيحه. وقال صاحب " المغني " رواية البخاري أصح وأولى، وأسند البخاري عن النخعي أن رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سنم قبره، وعن محمد بن علي أن قبر رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مسنم، وعن الشعبي قال: رأيت قبور