والنون: مفرد بمعنى الطريقة. يقال: استقام فلان على سنن واحد. ويقال: امض على سنتك أي على وجهك، وتنح عن سنن الجبل: أي عن وجهه. وقوله:" سننهم " بضم السين وفتح النون جمع سنة وهي الطريقة المسلوكة المرضية. وقال الجوهري: السنة: السيرة.
قال الهذلي يخاطب أبا ذؤيب:
فلا تجزعن من سنة أنت سيرتها ... وأول راض سنة من يسرها
وبين السنن والسنن تجنيس محرف، وهو من جملة محاسن الكلام. وقال الشيخ قوام الدين: فلو قال بضم السين في الموضعين ليكون تجنيسا تاما لكان أحسن، إلا أن الرواية بالمفتوح خاصة؛ لأن المضموم في معناه قليل الاستعمال.
قلت: الذي ذكره أولى وأبلغ؛ لأن اختلاف الحركات تحصل زيادة رونق في الكلام، وأنواع التجنيس كلها من محاسن الكلام ولم يرجح منها شيء على غيره. والتجنيس التام: أن يتفق اللفظان في أنواع الحروف وهيئاتها نحو الحركات والسكنات، وفي ترتيبها مع تقديم بعض الحروف على بعض وتأخيره عنه. وإن اختلفا في هيئة الحروف فقط سمي التجنيس محرفا.
قوله:" داعين " جمع داع: من دعوت فلانا: إذا صحبته واستدعيته. ويستعمل باللام وعلى وإلى، نحو: دعوت الله له، ودعوته عليه، ودعوته إلى الطعام، وهو من هذا القبيل، وقوله:" داعين وهادين " من الصفات المادحة.
فإن قلت: أليس يجوز أن يكون من الصفات الكاشفة؟
قلت: لا؛ لأنه في الصفات الكاشفة يكون الموصوف فيه نوع غموض فيكون الوصف حينئذ كاشفا لذلك الغموض، بخلاف الصفة المادحة، وهذه الصفة ليس في موصوفها ذلك على مالا يخفى، كما في " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " وبينهما تجنيس متواتر.
م:(يسلكون) ش: تحتمل أمورا ثلاثة:
الأول: أن تكون صفة لهم.
الثاني: أن تكون حالا عنهم.
فإن قلت: النكرة لا يقع عنها الحال.
قلت: النكرة الموصوفة كالمعرفة يقع عنها الحال متأخرة، وهاهنا قد اتصف العلماء بقوله: داعين.