للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا ترفع الجنابة، وقد صح أن حنظلة لما استشهد جنبا غسلته الملائكة،

ــ

[البناية]

فإن قلت: لو لم يكن رافعا لوضوء الحدث إذا استشهد، واللازم باطل، فكذا الملزوم، قلت: لا يلزم من أن لا يكون رافعا للأعلى أن يكون رافعا للأدنى.

م: (وقد صح أن حنظلة لما استشهد جنبا غسلته الملائكة) ش: روي هذا من حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رواه الطبراني في "معجمه " عنه، قال: أصيب حمزة بن عبد المطلب، وحنظلة بن الراهب وهما جنبان، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إني رأيت الملائكة تغسلهما ". وحديث ابن الزبير رواه ابن حبان في "صحيحه " والحاكم في " المستدرك " من حديث يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عبد الله عن جده قال: «سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد قتل حنظلة بن عامر الثقفي أن صاحبكم حنظلة غسلته الملائكة، فسألوا صاحبته، فقالت: خرج وهو جنب لما سمع الهاتفة، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لذلك غسلته الملائكة» . قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وليس عنده فاسألوا صاحبته.

قال السهيلي في " الروض الأنف ": وصاحبته هي زوجته جميلة بنت أبي ابن سلول أخت عبد الله بن أبي، وكان قد بنى بها تلك الليلة فرأت في منامها كأن بابا من السماء فتح فدخل وأغلق دونه، فعرفت أنه مقتول من الغد، فلما أصبحت دعت برجال من قومها وأشهدتهم أنه دخل بها خشية أن يقع في ذلك نزاع، ذكره الواقدي، وذكر غيره أنه وجد بين قتلى يقطر رأسه ماء؛ تصديقا لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقال ابن سعد في " الطبقات ": قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء نزل في صحاف الفضة» .

وحديث محمود بن لبيد رواه ابن إسحاق في " المغازي " أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن صاحبكم - يعني حنظلة بن أبي عامر - لتغسله الملائكة " فسألوا أهله ما شأنه؟ فقالت: إنه خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة» بالتاء المثناة من فوق والفاء، ويقال: الهايعة بالتاء آخر الحروف وبالعين المهملة، والهيعة الصوت الشديد عند الفزع. وحنظلة بن أبي عامر عمرو بن صيفي بن زيد الأنصاري الأوسي، يعرف أبوه بالراهب في الجاهلية، فسماه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفاسق؛ لأنه يروح من المدينة إلى مكة، ثم قدم قريش يوم أحد محاربا، وكان بمكة إلى أن فتحت، فهرب إلى هرقل فمات هناك كافرا سنة تسع أو عشر، وأولاد حنظلة يسمون أولاد غسيل الملائكة.

فإن قلت: الواجب غسل بني آدم دون الملائكة، ولو كان ذلك واجبا لأمر - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بإعادة

<<  <  ج: ص:  >  >>