للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا إذا حمل من مصرعه كيلا تطأه الخيول؛ لأنه ما نال شيئا من الراحة، ولو آواه فسطاطا أو خيمة كان مرتثا لما بينا

ــ

[البناية]

الربيع، وقال: إن رأيته أقرئه السلام: وقل له: يقول لك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كيف تجدك؟ " قال: جعلت أطوف بين القتلى حاصبة، وهو في آخر رمق وبه سبعون ضربة بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم، فقلت له: يا سعد: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ عليك السلام، ويقول لك: أخبرني كيف تجدك؟ قال: على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليك السلام، قل له: يا رسول الله أجد رائحة الجنة. وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم إن وصل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيكم عين تطرف، وفاضت عيناه» .

وقال العلامة الكردري في قوله: "خوفا من نقصان الشهادة": قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: ١١١] (التوبة: الآية ١١١) ، أخذ الشهيد بعض مرافقه للحياة، فكان هذا تصرفا في البيع قبل التسليم لتحقق النقصان في تسليم المبيع كما لو تصرف البائع في المبيع قبل التسليم، فإنه يسقط بعض الثمن أو يثبت للمشتري الخيار، ولهذا لو استشهد الصبي يغسل؛ لعدم أهليته للبيع عنه، وروى البيهقي في " شعب الإيمان " عن أبي جهيم بن حذيفة العدوي، قال: انقطعت يوم الرسول ابن عمي ومعي سقية ماء، فقلت: إن كان به رمق سقيته من الماء فوجدته ومسحت وجهه، فإذا به ينشع، فقلت: أسقيك؟ فأشار إلى جانبه فنظرت فإذا رجل يقول: آه، فأشار هشام ابن عمي أن انطلق إليه فإذا هو هشام بن العاص، فأتيته فقلت: أسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق به إليه فجئته فإذا هو قد مات، فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات.

م: (إلا إذا حمل من مصرعه كيلا تطأه الخيول؛ لأنه ما نال شيئا من الراحة) ش: الاستثناء من قوله بمن ارتث غسل، يعني لا يغسل في هذه الصورة فهو شهيد: قال الأترازي: فيه نظر؛ لأنا لا نسلم أن الحمل من المصراع ليس بنيل راحة.

قلت في نظره نظر؛ لأن الحمل من المصراع إنما يكون نيل راحة إذا كان لصرم القتال، ألا ترى إلى ما قال في " الذخيرة " ولو كانوا في معمعة القتال، فوجدوا جريحا فحملوه والقوم في القتال ثم مات فهو شهيد. قال الحاكم الشهيد: ومجرد حمله ورفعه من المعركة والقتال على حاله بعد لا يجعله مرتثا وإنما ارتثاثه بذلك بعدم تصرم القتال، وفي " التحفة " وفي " المحيط " و" المفيد " أو بقي يوما وليلة في المعركة.

م: (ولو آواه) ش: بالمد، أي لو ضمه، م: (فسطاط) ش: وهي الخيمة الكبيرة فيه ست لغات، ضم الفاء وكسره، وبالباء مكان الطاء الأولى، وتشديد السين بغير الطاء والباء مع ضم الفاء وكسرها، ذكرها ابن قتيبة م: (أو خيمة كان مرتثا) ش: فيغسل م: (لما بينا) ش: أراد به قوله؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>