للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن وجد قتيلا في المصر غسل؛ لأن الواجب فيه القسامة والدية فخف أثر الظلم إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما؛ لأن الواجب فيه القصاص وهو عقوبة، والقاتل لا يتخلص عنها ظاهرا إما في الدنيا وإما في العقبى، وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - ما لا يلبث بمنزلة السيف

ــ

[البناية]

وقال في " شرح الطحاوي ": قيل: إنه لا اختلاف فيما بينهما في الحقيقة. فجواب أبي يوسف خرج في الذي أوصى بأمور الدنيا. وجواب محمد خرج في الذي أوصى بأمور الآخرة، وقال أبو بكر الرازي: وإن كان أكثر من كلامه في وصيته، فطال غسل؛ لأن الوصية شيء من أمور الموت، فإذا طالت أشبهت أمور الدنيا.

م: (ومن وجد قتيلا في المصر غسل) ش: قيد بالمصر؛ لأنه لو وجد في مفازة ليس بقربها عمران لا يجب فيه قسامة ولا دية ولا يغسل لو وجد به أثر القتل م: (لأن الواجب فيه القسامة والدية فخف أثر الظلم) ش: فلم يكن في معنى شهداء أحد فيغسل م: (إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما) ش: هذا الاستثناء من قوله "غسل" يعني لا يغسل القتيل في المصر إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما مظلوما، ولكن هذا فيما إذا علم قاتله لوجوب القصاص.

أما إذا لم يعلم قاتله فيغسل، وإن قتل بحديدة؛ لأنه ليس فيه معنى شهداء أحد، لأنه إذا لم يعمل قاتله يجب القسامة والدية. وعند الشافعي: يغسل القتيل في المصر، وإن قتل بحديدة وإن عرف قاتله لوجوب القصاص، وهو بدل الدم كالدية وكذا ما قاله المصنف بقوله:

م: (لأن الواجب فيه القصاص وهو عقوبة) ش: إما في الدنيا إن وجد، وإما في الآخرة إن لم يوجد م: (والقاتل لا يتخلص عنها) ش: أي عن العقوبة م: (ظاهرا) ش: من حيث ظاهر الأمر م: (إما في الدنيا) ش: إن وجد م: (وإما في العقبى) ش: إن لم يوجد كما ذكرنا، والقصاص عقوبة وليس بعوض حتى يخفف أثر الظلم، وإن كان عوضها لكن نفعه يعود إلى الورثة لا له فلم ينتفع الميت به، بخلاف الدية، فإن نفعها يعود إليه حتى يقضي منها ديته وينفذ وصاياه، كذا في " مبسوط فخر الإسلام "، والسر فيه أن وجوب المال دون القصاص دليل صفة الحياة، بدلالة أن المال يثبت بالشبهة، والقصاص دليل صفة الجناية؛ لأن المال يثبت بالشبهة والقصاص يجب الشبهة.

م: (وعنده أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ما لا يلبث بمنزلة السيف) ش: أراد بهذا أنه لا يشترط في القتيل وجد في المصر أن يقتل بالحديد عندهما، بل ما لا يلبث في الباب مثل الثقل من الحجر، والخشب مثل السيف عندهما؛ حتى لا يغسل القتيل ظلما في المصر إذا علم قاتله، وعلم أنه قتل بالمثقل لوجوب القصاص عندهما، وعند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لا يجب القصاص في القتل بالمثقل؛ لأنه لو وجب فلا يخلو إما أن يستوفي دما أو جرحا فلا يجوز الأول؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إلا بالسيف» ولا يجوز المال في اللزوم لزيادة، والقصاص مبناه على المماثلة م:

<<  <  ج: ص:  >  >>