ولأن خرج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة وهذا القدر في الأصل وهو معقول والاقتصار على الأعضاء الأربعة غير معقول لكنه يتعدى ضرورة تعدي الأول
ــ
[البناية]
وحديث ابن عباس قال:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على صلاته» رواه الدارقطني وأعله بعمر بن رياح، والترجيح معنا لوجوه أربعة: الأول: أنه أكبر الصحابة. الثاني: أخبارنا مثبتة وأخبارهم نافية، والمثبت أولى بالقبول، الثالث: أن أخبارنا أكثر وأصح، وليس لهم خبر صحيح. الرابع: ما صرنا إليه أحوط في الدين في باب العبادة.
م:(ولأن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة) ش: هذا جواب لقول الشافعي حيث قال: غسل غير موضع الإصابة تعبدي ليس بمعقول، وفيه إثبات لصفة النجاسة لما يخرج من غير السبيلين بطريق القياس، ومعنى قوله: يؤثر في زوال الطهارة ظاهر لأن النجاسة إذا وجدت في محل تنفي الطهارة عن ذلك المحل، وإذا زالت عنه توجد الطهارة فيه لأن بينهما منافاة، وقال تاج الشريعة: النجاسة معنى إذا اختص بمكان يوجب الإخلال بالتقرب إلى المعبود ويمنع كمال التعظيم في العبادة، والطهارة يعني إذا اختصت بمحل يوجب كمال التقرب به إلى المعبود، وتمام التعظيم في العبادة، والنجاسة ضد الطهارة ومن الضرورات بتحقق أحد الضدين انتفاء الضد الآخر.
م:(وهذا القدر) ش: أي كون النجاسة تؤثر في زوال الطهارة م: (في الأصل وهو) ش: الخارج من السبيلين م: (معقول) ش: يعني يدركه العقل فيقاس عليه غيره، وهو الخارج من غير السبيلين م:(والاقتصار على الأعضاء الأربعة غير معقول) ش: لأنه غسل غير موضع الإصابة م: (لكنه يتعدى ضرورة تعدي الأول) ش: أي لكن الاقتصار على الأعضاء الأربعة يتعدى ضرورة تعدي المنصوص عليه وإن كان غير معقول إلى صورة النزاع حكما حتى يتعدى في ضمن الأول، وهو زوال الطهارة بخروج النجاسة.
وتحقيق هذا الكلام أن نقول: نحن لا نتعدى الحكم المخالف للقياس ضرورة أن ههنا حكمين:
أحدهما: ثبوت أحكام النجاسة، وهو المنع للصلاة ومن المضمضة وغيره أنه موافق للقياس لأنه محل تعظيم المعبود لأن القيام لعبادة الله ببدن نجس لا يكون مثل العبادة ببدن طاهر، والآخر الاقتصار على الأعضاء الأربعة وهو حكم مخالف القياس في الأصل، أعني السبيل فإذا تعدى الموافق للقياس تعدى إلى الفرع بصفة وأصل الحكم لما وافق القياس لا بد من تعديته لأنا أمرنا