للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا أنها عبادة فلا تتأدى إلا بالاختيار تحقيقا لمعنى الابتلاء، ولا اختيار لهما لعدم العقل، بخلاف الخراج؛ لأنه مؤنة الأرض،

وكذلك الغالب في العشر معنى المؤنة، ومعنى العبادة تابع

ولو أفاق في بعض السنة، فهو بمنزلة إفاقته في بعض الشهر في الصوم.

ــ

[البناية]

الآدميين يجوز أن تلزم الصبي، ولأن الفطرة تجب على رقبة الحر لا على طريق البدل فجاز اعتبارها في حق الصبي، والزكاة حق مالي لا يجب على رقبة الحر، فإن افتقر إلى النية فلا تجب على الصبي كالحج. م: (ولنا أنها عبادة مالية فلا تتأدى إلا بالاختيار تحقيقا لمعنى الابتلاء) ش: أي الحجة لنا أن الزكاة عبادة مالية؛ لأن الإسلام بني عليها، كما ورد في الحديث، قوله: فلا تتأدى، أي فلا تتحقق العبادة إلا باختيار صحيح أو باختيار ثابت يثبت ثباته عن اختيار صحيح؛ ليتحقق معنى الابتلاء، يعني أنا ابتلينا بالعقل ليظهر المطيع من العاصي، وذلك لا يكون إلا بفعل على سبيل الاختيار دون الجبر.

م: (ولا اختيار لهما لعدم العقل) ش: أي ولا اختيار للصبي والمجنون لعدم عقلهما، ولا صحة لاختيار الصبي العاقل فلا تجب عليهما الزكاة، ولهذا لو أدى الصبي العاقل بنفسه لا يصح عند الخصم، فعلم أن اختياره غير صحيح.

فإن قلت: الزكاة عبادة تجزئ فيها النيابة، فلم لا يجوز أداء الولي عنهما بسبيل النيابة؟ قلت: النيابة تثبت باختيار المنوب عنه، أو بإقامة الشرع النائب مقام المنوب عنه جبرا ولم يوجد.

أما صدقة الفطر فالقياس أن لا تجب وهو قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وفي الاستحسان تجب وهو قولهما؛ لأنها مؤنة، ومعنى العبادة فيها وكذا العشر، والأمر في الخراج أظهر لأنه مؤنة فيها معنى العقوبة.

م: (بخلاف الخراج لأنه مؤنة الأرض) ش: هذا جواب عن قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وصار كالعشر والخراج، أراد أن القياس عليه لا يصح؛ لأن الخراج مؤنة الأرض، لأن سبب وجوبه الأرض النامية لا الخارج فباعتبار الأصل فهو الأرض النامية مؤنة.

م: (وكذلك الغالب في العشر معنى المؤنة ومعنى العبادة تابع) ش: هذا أيضا جواب عن قول الشافعي، وصار كالعشر - يعني القياس عليه غير صحيح-؛ لأن الغالب في العشر معنى المؤنة، ولهذا لا يشترط النصاب والحول ولا يسقط بالدين قوله: ومعنى العبادة تابع؛ لأن العشر يثبت إلى الأرض لأنها أصله، ومعنى العبادة باعتبار المصرف وكون الواجب جزءا من النماء.

م: (ولو أفاق في بعض السنة، فهو بمنزلة إفاقته في بعض الشهر في الصوم) ش: أي لو أفاق المجنون في بعض الشهر، معنى هذا إذا كان مفيقا في جزء من السنة بعد ملك النصاب في أولها أو في آخرها قل ذلك أو كثر تلزمه الزكاة، كما لو أفاق في جزء من شهر رمضان في يوم أو ليلة يلزمه صوم الشهر كله. ثم الجنون على نوعين: أصلي: وهو أن يدرك مجنونا، فحكمه حكم

<<  <  ج: ص:  >  >>