للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا في الكفارات، وصدقة الفطر، والعشر، والنذر، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز اتباعا للمنصوص كما في الهدايا والضحايا، ولنا أن الأمر بالأداء إلى الفقير إيصال للرزق الموعود إليه

ــ

[البناية]

م: (وكذا في الكفارة وصدقة الفطر والعشر والنذر) ش: أي وكذا يجوز دفع القيمة في الكفارة، وأراد بالكفارة المالية وإذا أدى نصف قفيز تمر جيد عن قفيز تمر رديء، وقل في النذر فإنه يجوز عند محمد وزفر، ولا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-.

وفي صدقة الفطر لو أدى نصف صاع من تمر عن صاع من شعير بطريق القيمة لا يجوز، وإذا غير المنصوص عن المنصوص يجوز في غير الربويات ذكره في " الجامع "، وكذا يجوز الاستبدال بالثمن والمنذور ولو عينه.

م (وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يجوز) ش: وبه قال داود، وأحمد، وبه قال مالك، إلا أنه قال: يجوز إخراج الذهب عن الفضة، والفضة عن الذهب.

م: (اتباعا للمنصوص) ش: يعني اتبع الشافعي اتباعا لعين النصوص وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «في خمس من الإبل شاة» ، في أربعين شاة شاة، وهذا بيان لما هو مجمل في الكتاب، فإن الإيتاء منصوص عليه والمأتي غير مذكور فيه، فالتحق الحديث بيانا لمجمل الكتاب، وكأنه قال: وآتوا الزكاة في أربعين شاة شاة، ولا يجوز التعليل لإبطال حق الفقير في العين؛ لأن الحق المستحق مراعى بصورته ومعناه، كما في حقوق العباد م: (كما في الهدايا والضحايا) ش: أي كما يتبع المنصوص في الهدايا والضحايا؛ لأنها مقدرة بأعيان معلومة شرعا فلا تتأدى بالقيمة.

م: (ولنا أن الأمر بالأداء إلى الفقير) ش: أي الأمر بأداء الزكاة إلى الفقير م: (إيصال) ش: أي لأجل الإيصال م: (للرزق الموعود إليه) ش: أي إلى الفقير؛ لقوله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] (سورة هود: الآية: ٦) .

ولما أمر الغني بأدائها وهو حق الله إلى الفقير الذي هي حقه بحكم الوعد علم أن المقصود من الأمر بأدائها إيصال لذلك الرزق الموعود وكفاءته للفقير، فكما يحصل رزق الفقير وكفاءته بعين الشاة، يحصل بقيمتها بل هي أولى؛ لأنه يتوصل بعين الشاة إلى نوع من الكفاية وهو الأكل، وبقيمتها يتوصل إلى أنواع من الكفاية.

قلت: هكذا ذكر الشراح خصوصا الأترازي، فإنه أطنب في هذا الموضع، فللخصم أن يقول: في أخذ عين الشاة تحصل كفاية الأكل، وبيعها بعد الأخذ يحصل كل الأنواع بالكفاية، والأحسن أن يقول: إن التقييد على الكتاب بخبر الواحد لا يجوز بالاتفاق، ألا ترى أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «في خمس من الإبل شاة» وكلمة في حقيقة الظرف وعين الشاة لا توجد في الإبل فعرف أن المراد قدره من المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>