للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنها معدة للاستنماء بإعداد العبد فأشبه المعد بإعداد الشرع، وتشترط نية التجارة؛ ليثبت الإعداد، ثم قال: يقومها بما هو أنفع للمساكين؛ احتياطا لحق الفقراء.

ــ

[البناية]

قال: كنت أبيع الأدم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال لي: أد صدقة مالك فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو الأدم والجعاب قال: قومها وأد زكاتها. ومنها ما رواه عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه كان يقول: في كل مال يدار في عبيد أو تجارة أو دواب أو بز للتجارة تدار الزكاة فيه كل عام.

ومنها ما رواه البيهقي من طريق أحمد بن حنبل: ثنا حفص بن غياث، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: ليس في العروض زكاة إلا إذا كان للتجارة.

ومنها: ما رواه عبد الرزاق عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والقاسم قالوا: في العروض تدار الزكاة كل عام لا تؤخذ منها الزكاة حتى لا يأتي ذلك الشهر من عام قابل.

م: (ولأنها) ش: أي ولأن العروض م: (معدة) ش: أي مهيأة م: (للاستنماء) ش: أي لطلب النماء م: (بإعداد العبد فأشبه المعد بإعداد الشرع) ش: المعد بضم الميم وفتح العين وتشديد الدال وهو الذهب والفضة م: (ويشترط فيه نية التجارة ليثبت الإعداد) ش: أي حالة الشراع، أما إذا كانت النية بعد الملك فلا بد من اقتران عمل التجارة بنيته؛ لأن مجرد النية لا يعمل فلا يصير حتى يبيعه بالإجماع إلا عند الكرابيسي من أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأحمد في رواية فإنه يصير للتجارة بمجرد النية في " جوامع الفقه " السالمة إذا نوى أنه إن وجد ربحا يبيعها لا يبطل السوم، ولو نوى أنه يجعلها علوفة أو يعمل عليها لا تبطل السوم ما لم يفعل، بخلاف عروض التجارة إذا نواها للقنية حيث تبطل التجارة، وكذا العبد إذا نواه للخدمة، وعن محمد إذا نوى أن يستخدمه فاستخدمه لا تبطل التجارة ما لم يجعله للخدمة، ولو اشترى الجلاب شياها، والقصاب اللحم فهي للتجارة، وإن رعاها في المفازة لم يبطل كونها للتجارة؛ لأن المرعى للتخفيف في المؤنة.

م: (ثم قال - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي القدوري أو محمد -رحمهما الله- م: (يقومها بما هو أنفع للمساكين احتياطا لحق الفقراء) ش: أي يقوم العروض التي للتجارة بالذي هو أنفع للفقراء، وهو أن يقومها بأنفع النقدين، وبه قال أحمد؛ لأن المال في يد المالك في زمان طويل وهو المنتفع فلا بد من اعتبار منفعة للفقراء عند التقويم، ولا بد أن يقوم بما يبلغه نصابا حتى إذا قومت بالدراهم تبلغ نصابا، وإذا قومت الذهب لا تبلغ نصابا تقوم بالدراهم وبالعكس كذلك.

فإن قلت: في خلافه نظر للمالك وحقه يعتبر، ألا ترى أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن أخذ كرائم الأموال في الزكاة واشترط الحول فيها.

قلت: المالك أسقط حقه بالاستنماء مدة الحول فيوفر حظ الفقراء بالتقويم بالأنفع مراعاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>