البحر الذي من دار الحرب فدخل الجيش دار الحرب فوجدوه على ساحل بحر دار الحرب فأخذوه فكان غنيمة فيجب الخمس.
وأما حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ففيما دسره البحر الذي في دار الإسلام وأخذه واحد من الناس أو فيما دسره البحر الذي في دار الحرب ولكن أخذه واحد من المسلمين فلا خمس فيه لأنه بمنزلة المتلصص لا كالمجاهد، فليس فيما أخذ المتلصص خمس، انتهى.
قلت: هذا التطويل لا يفيد.
أما الأثر عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يثبت كما ذكرنا، بل روي عنه خلافه كما مر.
وأما أثر ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإن أبا عبيد روى عن ابن أبي مريم عن داود بن عبد الرحمن العطار سمعت عمرو بن دينار يحدث عن ابن عباس قال: ليس في العنبر خمس، وروى عنه خلافه، رواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن إبراهيم بن سعد -وكان عاملا بعدن - سأل ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عن العنبر فقال: إن كان فيه شيء فالخمس، واستدل الأترازي لأبي يوسف بقوله: ما روي أن يعلي بن أمية كتب إلى عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في عنبرة وجدت على ساحل البحر فكتب إليه: ذلك سيب من سيب الله يؤتيه من يشاء، فيها وفيما دسره البحر الخمس، انتهى.
قلت: لم يبين من روى هذا من أهل الحديث وهل هو حديث صحيح أو ضعيف مع أن له دعوى عريضة في هذا الباب ولم يبن السبب ما هو ووضع نقطة واحدة بعد السين تحت الباء فيكون الناظر فيه أنه سبب بباءين موحدتين وليس هو إلا سيب بفتح السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة.
وقال الزمخشري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: السيوب جمع سيب يريد به المال المدفون في الجاهلية أو المعدن، وقال ابن الأثير: السيوب في الأصل م: (الركاز) ش: وقيل: السيوب عروق من الذهب والفضة تسيب في المعدن أي يكون فيه ويظهر، انتهى.
قلت: ذكر الأترازي هذا الأثر حجة لأبي يوسف غير مناسب لأنه لا يطابق قول أبي يوسف في أخذ الخمس في العنبر على ما لا يخفى على المتأمل.
م:(متاع وجد ركازا) ش: متاع مبتدأ نكرة تخصص بالصفة، وقوله -ركازا- نصب على الحال أي وجد المتاع حال كونه ركازا لا حال كونه لقطة ولا حال كونه موضوعا في البيت وغيرهما من النقدين والاسم بمنزلة المصدر في باب الحال كما تقول: هذا بسرا أطيب منه رطبا،