للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

المؤلفة لم يسقط، وبه قالت الظاهرية.

فإن قلت: كيف تصرف الزكاة لهم وهم كفار:

قلت: الجهاد واجب على فقراء المسلمين، وأغنيائهم لدفع شرهم، فكان يدفع إليهم سهم من سهام الفقراء فكان ذلك قائما مقام الجهاد في ذلك الوقت لعجز الفقراء عنه، ثم سقط لعدم الحاجة إلى جهاد الفقراء لكثرة أولي القوة والنجدة من المسلمين.

فإن قلت: لا يجوز النسخ بالإجماع بل لا يتصور، لأن حجية الإجماع بعد وفاته - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وروي عن عكرمة أن الصدقات كانت تفرق على الأصناف الثمانية، وكيف انتسخت المؤلفة بالإجماع.

قلت: فيه أجوبة:

الأول: يجوز أن يكون في ذلك نص علمه عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

الثاني: أنه ليس من باب النسخ بل من انتهاء العلة الداعية إليه، وقد كانوا يعرفون الداعي إلى الحكم، فلما زال الداعي على خلاف ذلك الحكم زال الحكم.

الثالث: أنه إنما كان يدفع إليهم ذلك لقلة عدد المسلمين وكثرة عدد الكفار دفعا للصغار عن بيضة الإسلام، فلما وقع الأمن من شرهم كان الدفع ذلا وصغارا، فيعود الأمر على موضعه بالنقض، وهذا في الحقيقة هو الجواب.

الرابع: ذكر شمس الأئمة، وفخر الإسلام، أن بعض المشايخ يجوز النسخ بالإجماع، لأنه موجب على اليقين كالنص، فيجوز النسخ به، والإجماع أقوى من الخبر المشهور، فإذا جاز النسخ بالمتواتر والمشهور، فبالإجماع أولى، وما شرطوا حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجواز النسخ، فإن النسخ بالمتواتر والمشهور يجوز، ولا يتصور هذا إلا بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فإن قلت: ما وجه ما يعمل بسهمهم الذي سقط.

قلت: أما عندنا فينضم إلى سهام البقية من الثمانية ولا يعطى مشرك بحال من الأحوال، وهو قول عمر وعلي وعثمان والحسن والشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في قول، وفي قول عنه يعطى كفارهم من غير الزكاة من الصفي فكان نصيب كفارهم ساقطا عنده من الزكاة قولا واحدا، وأما مسلموهم فأربعة أصناف قوم شرفاء قومهم وقوم بنيتهم ضعيفة ففيهما له قولان.

أحدهما: أنهم لا يعطون.

<<  <  ج: ص:  >  >>