ولنا أن الإضافة لبيان أنهم مصارف لا لإثبات الاستحقاق. وهذا لما عرف أن الزكاة حق الله تعالى، وبعلة الفقر صاروا مصارف فلا يبالى باختلاف جهاته،
ــ
[البناية]
لهؤلاء الأصناف لم يجز حرمان بعضهم، فكذلك في أمر الشرع.
م:(ولنا أن الإضافة) ش: أي إضافة الصدقات إليهم م: (لبيان أنهم مصارف) ش: وأن تصير العاقبة لهم م: (لا لإثبات الاستحقاق) ش: لأن المجهول لا يصلح مستحقا، واللام للاختصاص لا للملك، كما يقال: الجل للفرس ولا ملك له، فكان المراد اختصاصهم بالصرف إليهم، ومعاني اللام ترتقي إلى أكثر من عشرة، ولكن أصلها للاختصاص.
ولم يذكر الزمخشري في المفصل غير الاختصاص لعمومه، فقال اللام للاختصاص، كقولك المال لزيد والسرج للدابة، واللام في الآية للاختصاص، يعني أنهم مختصون بالزكاة ولا تكون لغيرهم كقولهم الخلافة لقريش أو السقاية لبني هاشم أي لا يوجد ذلك في غيرهم، ولا يلزم أن تكون مملوكة لهم، فتكون اللام لبيان محل صرفها، وأيضا الفقراء والمساكين لا يحصون لكثرتهم فكانوا مجهولين، والتمليك من المجهول محال.
ولهذا قال النووي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لو كان في أكثر من ثلاثة من الصنف لا يثبت ملكهم ولا ينتقل إلى ورثتهم بموتهم، فدل على عدم الملك فبطل دعواهم أن اللام للملك بخلاف الثلاثة عندهم وأيضا قَوْله تَعَالَى:{وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٦٠](التوبة: آية ٦٠) ، كاللام فيهما، فإذا حمل على الاختصاص استقام الجميع ولا يستقيم الملك في الطرق، وهذا بين مكشوف وأيضا أنهم قالوا يجوز للإمام أن يدفع صدقة الرجل الواحد وأكثر إلى فقير واحد، والإمام يقوم مقام رب المال في التفريق، فأبطلوا لام الملك والعدد ولم يستوعبوا آحاد الصنف الواحد أيضا. قال الشيخ شهاب الدين القرافي: وهذه الصورة هي مذهبه في الملك. وقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - المراد في الآية في بيان المصارف قال: أينما صرفت إلى أحد من الأفراد أجزأت، كما أن الله تعالى أمرنا باستقبال القبلة في الصلاة، فإذا استقبلت جزءا منها كنت ممتثلا للأمر.
م:(وهذا) ش: أي ما ذكرنا أن الإضافة لبيان أنهم مصارف لا لإثبات الاستحقاق م: (لما عرف أن الزكاة حق الله تعالى) ش: لأنها عبادة ولا يستحقها إلا الله تعالى م: (وبعلة الفقر صاروا مصارف) ش: أي بعلة الفقر والاحتجاج صارت الأصناف المذكورة مصارف للزكاة، لأن الله تعالى ذكرهم بأوصاف تنبئ عن الحاجة.
م:(فلا يبالى) ش: على صيغة المجهول، أي فلا يلتفت ولا يحمل لهم م:(باختلاف جهاته) ش: أي بسبب اختلاف جهات المصرف، وإنما ذكر الضمير لأنه يرجع إلى المصرف الذي يدل عليه لفظ المصارف.