ووكيع، وعبد الله بن داود الخريبي وعمرو بن علي المقدمي وغيرهم، وكذلك رواه شعبة وابن جريج عن يزيد بن خالد عن أبي سفيان عن جابر ثم أخرج عن جابر أنه قال:«من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء» ، وزاد في لفظه:" إنما كان منهم ذلك حتى عجلوا خلف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".
قلت: الحديث المرفوع يدل على ما ذهبنا إليه، إذا كان المراد من الضحك القهقهة، وكذلك إذا كان الضحك على أصل معناه، فإن الحكم عندنا أنه ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء، وهذا الحديث حجة لنا سواء كان مرفوعا أو موقوفا، ولا يمكن لجابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن يقول برأيه في مثل هذا الموضع. وأمره محمول على السماع على أنا نقول: وإن كان هذا الحديث ضعيفا فقد اعتضد بغيره من الأحاديث المروية في هذا الباب. وأما حديث عمران بن الحصين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأخرجه الدارقطني أيضا عن إسماعيل بن عياش عن عمرو بن قيس الملائي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن الحصين قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«من ضحك في الصلاة فليعد الصلاة والوضوء» .
فإن قلت: قال الدارقطني عمرو بن قيس المكي المعروف بسندل ضعيف، ذاهب الحديث، وعمرو بن عبيد قيل فيه إنه كذاب.
قلت: كان عمرو بن عبيد جالس الحسن وحفظ عنه، واشتهر بصحبته وكان له شهرة وإظهار زهد، فالكذب عنه بعيد. والبيهقي أخرجه عن عبد الرحمن بن سلامة عن عمرو بن قيس عن الحسن عن عمران بن الحصين مرفوعا، وأخرجه ابن عدي من طريق آخر عن بقية عن محمد الخزاعي عن الحسن عن عمران بن حصين، «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لرجل ضحك في الصلاة: "أعد وضوءك» . وقال: محمد الخزاعي مجهول من مشايخ بقية، ويروي محمد بن شداد عن الحسن وابن راشد مجهول، هذا مردود لأن محمد الخزاعي هو ابن راشد، وابن راشد هذا وثقه أحمد ويحيى بن معين، وقال عبد الرزاق: ما رأيت أحدا أورع في هذا الحديث منه.
وأما حديث أبي المليح عن أبيه فأخرجه الدارقطني أيضا من حديث محمد بن إسحاق حدثنا الحسن بن زياد عن الحسن البصري عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه قال:«بينا نحن نصلي خلف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ اقبل رجل ضرير البصر باللفظ الأول» . وقال ابن إسحاق: حدثني الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه مثل ذلك.