للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الاستحسان «قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - للذي أكل وشرب ناسيا: " تم على صومك فإنما أطعمك الله وسقاك» وإذا ثبت هذا في حق الأكل والشرب ثبت في الوقاع للاستواء في الركنية، بخلاف الصلاة، لأن هيئة الصلاة مذكرة

فلا يغلب النسيان، ولا مذكر في الصوم

ــ

[البناية]

أطعمك وسقاك» انتهى.

وهو أقرب إلى لفظ المصنف ولفظ الباقين من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه.

ورواه ابن حبان والدارقطني [في " سننه «أن رجلاً سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فقال إني كنت صائماً فأكلت وشربت ناسياً فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أتمم صومك فإن الله أطعمك وسقاك» .

وزاد الدارقطني] فيه فلا قضاء عليه ولا كفارة. قوله: تم على صومك بكسر التاء المثناة من فوق وتشديد الميم المفتوحة أمر من تم يتم معناه أتمه وامض عليه واستتم، ويقال تم على أمره أمضاه، وتم على أمرك أمضه.

فإن قلت: هذا الحديث يعارض الكتاب وهو قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] (سورة البقرة: الآية ١٨٧) فإن الصيام إمساك وقد فات، فالآية تدل على بطلانه، [و] لأن انتفاء ركن الشيء يستلزم إمضاه لا محالة، والحديث يدل على بقائه كما كان فيجب تركه، قلت هذا السؤال مع جوابه للإمام حميد الدين الضرير. وأجاب بأن في الكتاب دلالة على أن النسيان معفو عنه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] م: (سورة البقرة: الآية: ٢٨٦) فكان الحديث موافقاً للكتاب فعمل، ويحتمل قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] على حالة انتفاء الإتمام عمدا؛ لأن الإتمام فعل اختياري فيكون عمدة الفوات له لذلك والنسيان ليس باختياري فلا يفوته. وقال تاج الشريعة: هذا الخبر مشهور قبله السلف حتى قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - عقب هذه المسألة حاكياً عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لو قال الناس لقلت يقتضي معنى لو قول الأئمة وروايتهم هذا الحديث لقلت بالقضاء، فإن قال السائل سلمنا ذلك لكن النص ورد في الأكل والشرب على خلاف القياس، فكيف تعدى إلى الجماع؟.

فأجاب بقوله: م: (وإذا ثبت هذا) ش: أي بقاء الصوم م: (في حق الأكل والشرب ثبت في الوقاع للاستواء في الركنية) ش: لأن كلا منهما نظير الأخرى في كون الكف عن كل منهما ركنا في الآخر، فيكون الثبوت بالدلالة لا بالقياس م: (بخلاف الصلاة لأن هيئة الصلاة مذكرة) ش: هيئة الصلاة القيام والركوع والسجود والانتقال من واحد إلى واحد، وكل هذه الأفعال تذكر المصلي.

م: (فلا يغلب النسيان) ش: ولا يستلزم غلبة النسيان عدم نفي هيئات ما م: (ولا مذكر) ش:

<<  <  ج: ص:  >  >>