للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو اغتسل بالماء البارد

ــ

[البناية]

قلت: ذكره الأزهري، والمراد به مسام العرق، لأن المنافذ التي هي المخارق المعتادة م: (كما لو اغتسل بالماء البارد) ش: ذكر هذا نظير المناسبة، فإنه لا ينافي الصوم مع أنه يجد برودة الماء في باطنه.

فإن قيل هذا تعليل في مقابلة النص وهو باطل، وذلك لما روى معبد بن هودة الأنصاري «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال عليكم بالإثمد المروح وقت النوم وليتقه الصائم» أجيب بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ندب إلى الصوم يوم عاشوراء والاكتحال فيه، وقد أجمعت الأئمة على الاكتحال يوم عاشوراء فهو راجح على الأول، انتهى.

قلت: هذا الحديث رواه أبو داود من رواية عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هودة عن أبيه عن جده «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال ليتقه الصائم» ورواه البخاري في " تاريخه ".

١ -

وقال قال أبو نعيم «حدثنا عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري عن أبيه عن جده وكان أتى به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمسح رأسه وقال لا تكتحل وأنت صائم، اكتحل ليلاً، الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر» انتهى.

[قلت] : الإثمد بكسرة الهمزة بالفارسية ترمذ، وذكره الجوهري في باب ثمد فدل على [أن] الألف فيه زائدة، وقال الإثمد: حجر يكتحل بها. المروح بضم الميم وفتح الراء وتشديد الواو المفتوحة وبالحاء المهملة أي المطيب بالمسك كأنه جعل الرائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة. وقال الأكمل قد اجتمعت الأمة على الاكتحال يوم عاشوراء فيه نظر يحتاج إلى الدليل على هذا.

وإيراده السؤال بحديث معبد غير موجه لأن يحيى بن معين قال حديث معبد منكر لا يحتج به، وعبد الرحمن ضعيف، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يقول الأكمل هذا تعليل في مقابلة النص، وهو باطل، ثم يجيب بقوله أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ندب إلى الصوم يوم عاشوراء، والاكتحال فيه، ومع هذا لم يبين كيف ندب ومتى ندب.

فإن قال ندب في حديث حميد، قلنا قد سمعت حال هذا الحديث، وإن قال روى البيهقي في " شعب الإيمان " من رواية حسين بن بشر عن محمد بن الصلت عن جرير عن الضحاك عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من اكحتل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبداً» قال: قال البيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بعد أن رواه إسناده ضعيف، وجرير ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس. وقال الأترازي في معرض الاستدلال بأن الاكتحال لم يفطر.

ولنا ما روى أبو بكر الجصاص الرازي في " شرحه لمختصر الطحاوي " عن عبد الباقي بن

<<  <  ج: ص:  >  >>