وبمثله يترك القياس، والأثر ورد في صلاة مطلقة فيقتصر عليها.
ــ
[البناية]
فإن قلت: هذا لا يصح باعتبار أنه لا يتوهم على أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضحك في الصلاة قهقهة خصوصا خلف النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. قلت: كان يصلي خلفه الصحابة ومن غيرهم من المنافقين والأعراب الجهال، وهذا من باب حسن الظن بهم، وإلا فليس الضحك كبيرة، وهم ليسوا من الصغار بمعصومين، ولا من الكبائر على تقدير كونه كبيرة.
فإن قلت: ذكر البيهقي عن الشافعي أنه لو ثبت حديث الضحك في الصلاة لقال به. وقال ابن الجوزي: قال أحمد: ليس في الضحك حديث صحيح. وقال الذهبي: لم يثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الضحك في الصلاة خبر. وقال أحمد: وحديث الأعمى الذي وقع في البئر مدرج، ومدار حديثه [على] أبي العالية، وقد اضطرب عليه فيه.
قلت: مذهب الشافعي أن المرسل إذا أرسل من وجه، وأسند من وجه آخر يقول به، وهذا الحديث أرسل من وجوه وأسند من طريق فيلزمه أن يقول به. وقال ابن حزم: كان يلزم المالكيين والشافعيين بشدة تواتره يخرج عن عدد مراسيله، قلت: ويلزم الحنابلة أيضا لأنهم يحتجون بالمراسيل، وعلى تقدير أنهم لا يحتجون به ما قيل إن أقل أحواله أن يكون ضعيفا والحديث الضعيف عندهم مقدم على القياس الذي اعتمدوا عليه في هذه المسألة، والعجب منهم أن يقولوا لعلمائنا أصحاب الرأي والقياس وينسبونهم إلى ترك كثير من الأحاديث بالقياس، وهم تركوا حديثا رواه جماعة من الصحابة ما بينا هذا عشرة فأرسله جماعة من التابعين الكبار وعملوا بالقياس. وأما قول أحمد والذهبي فنفي وما رواه أصحابنا إثبات وهو مقدم على النفي، على أنا نقول عدم علم الشخص بشيء لا يكون حجة على من علمه قبله.
م:(وبمثله) ش: أي وبمثل هذا الحديث الذي علمه الصحابة والتابعون. ولأن رواية من كان معروفا بالفقه والتقدم في الاجتهاد كأبي موسى وأصحابه م:(يترك القياس) ش: أي القياس الذي ذهب إليه الشافعي وغيره م: (والأثر) ش: أي الحديث المذكور م: (ورد في صلاة مطلقة) ش: أي كاملة م: (فيقتصر عليها) ش: أي على الصلاة المذكورة فلا يتعدى إلى صلاة الجنازة وسجدة التلاوة، وصلاة الصبي، وصلاة الباني بعد الوضوء على أحد الروايتين، وصلاة النائم؛ فإن الوضوء لا يفسد في جميع ذلك، وقوله: والأثر إلى آخره في الحقيقة جواب عن قياس الشافعي على صلاة الجنازة وسجدة التلاوة كما حققنا.