للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - له: أنه تبرع بالمؤدى فلا يلزمه ما لم يتبرع به.

ولنا: أن المؤدى قربة وعمل فتجب صيانته بالمضي عن الإبطال

ــ

[البناية]

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومكحول وداود وإسماعيل بن علية م: (خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) ش: وبقوله قال أحمد، وقال مالك يلزمه الإتمام لكن لو أفسدها لعذر كالسفر لا يلزمه القضاء في أحد الروايتين عنه وبه قال أبو ثور م: (له) ش: أي للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (أنه تبرع بالمؤدى) ش: بفتح الدال المشددة م: (فلا يلزمه ما لم يتبرع به) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] وهو محسن فيما يفعل، فلو وجب عليه القضاء يكون عليه سبيل هذا كمن أخرج درهمين، ليتصدق بهما فتصدق بأحدهما، لا يلزمه التصدق بالآخر.

م: (ولنا: أن المؤدى قربة وعمل فتجب صيانته بالمضي عن الإبطال) ش: قال الله تعالى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] والنهي عن الإبطال يوجب الإتمام فإذا ترك الإتمام الواجب عليه يجب عليه القضاء كالنذر.

فإن قلت: إبطال العمل غير متصور لأنه قبل العمل عدم وبعده متلاش لأنه عرض وحال الموجود غير الموجود على التمام، وأيضاً الإبطال إذا طرأ على الموجود برفعه وإذا قارنه يمنعه، والمنع في الموجود لا يسمى إبطالاً.

قلت: لو لم يتصور إبطال العمل لم يرد به النهي كما في الآية المذكورة، والنهي لا يقتضي التصور لا محالة ومطلقه للتحريم والترديد المذكور غير وارد لأن البطلان في اللغة هو الذهاب والتلاشي فإذا أضيف إلى العمل لا يراد به ذهاب ذاته وتلاشيه بل يراد به فوات الفرض المتعلق [به] ، وهو الثواب هنا.

فإن قلت: روى أبو داود والترمذي والنسائي حديث أم هانئ مرفوعاً «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» وقال الأترازي وفي بعض الروايات «إن شئت فاقضه وإن شئت فلا» ثم قال ذلك محمول على عدم وجوب القضاء على الفور.

قلت: قوله وفي بعض الروايات إلخ ليس بمذكور في رواية المذكورين ويكفي هنا أن يقول هذا الحديث مختلف في لفظه وتكلم عليه البيهقي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقال النسائي وفيه سماك بن حرب وقد اختلف عليه وليس هو ممن يعتمد عليه إذا انفرد في الحديث.

فإن قلت: روى البخاري عن أبي جحيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال «آخى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين سلمان وأبي الدرداء، الحديث، وفيه فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل فإني صائم فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل وفيه فأتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر له ذلك فقال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: صدق

<<  <  ج: ص:  >  >>