عن أبي معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه أفطر في رمضان وهو يرى أن الشمس قد غربت ثم نظر فإذا الشمس طالعة فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا نقضيه، ما تجانفنا لإثم أي مايلنا إليه ولا تعديناه ونحن نعلمه وكل مائل فهو متجانف جنف، قال تعالى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا}[البقرة: ١٨٢] أي ميلاً.
أما قوله: لا نقضيه فتأويله قال له قائل كأن الشمس طالعة وقد أثمنا فقال رداً عليه: لا أي ليس الأمر كما ظننت أي نقضي ما ليس مكان يوم ليس علينا غيره، ومثله قَوْله تَعَالَى:{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[القيامة: ١](القيامة: الآية ١) ، فأراد من أنكره البعث ومثله قَوْله تَعَالَى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ}[النساء: ٦٥] وهذا الذي ذكرنا عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - هو الصحيح من الرواية عند الثقات، وما ورد في بعض نسخ الهداية " بعثناك داعياً لا راعياً " فقال: ليس بصحيح.
وقد أورد بعضهم في " شرح الهداية " أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين أفطر مع أصحابه يوماً صعد المؤذن المئذنة وقال: الشمس يا أمير المؤمنين قال: بعثناك داعياً لا راعياً للأذان وإعلام الناس ولا حافظاً للأحوال، ثم قال ما تجانفنا لإثم من الموضوعات فلا ملتفت إليه. إلى هنا كله كلام الأترازي وفيه نظر من وجوه:
الأول: تأويله في قوله لا نقضيه فيما أوله تكلف جداً، لأن ابن أبي شيبة روى في " مصنفه ": حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن ابن زيد بن وهب قال: خرج عباس من بيت حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وعلى السماء سحاب فنظر أن الشمس قد غابت فأفطروا ولم يلبثوا أن تجلى السحاب فإذا الشمس طالعة فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " ما تجانفنا من إثم ".
حدثنا علي بن شهر عن الشيباني عن خالد بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه قال: شهدت عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رمضان وقرب إليه شراب فشرب بعض القوم وهم يرون الشمس قد غربت ثم ارتقى المؤذن فقال: والله يا أمير المؤمنين إن الشمس طالعة لم تغرب فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من كان أفطر فليصم يوماً مكانه ومن لم يكن أفطر فليتم حتى تغرب الشمس وادعاه من طريق آخر فزاد فيه فقال له: إنما بعثناك داعياً ولم نبعث راعياً وقد اجتهدنا وقضاء يوم يسير انتهى.
وروى محمد بن الحسن في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: أفطر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأصحابه في