إلا أنه إذا شك في الفجر، ومعناه تساوي الظنين الأفضل أن يدع الأكل تحرزا عن المحرم، ولا يجب عليه ذلك، ولو أكل
ــ
[البناية]
فإن قلت: ما حد تأخيره؟ قلت: آخر الليل وعن الليث هو سدسه الآخر، وقال ابن عباس وعطاء والأوزاعي يأكل حتى يبيض الفجر. وقال السروجي: وهو قول الجمهور وقال النووي: لو شك في طلوع الفجر جاز له الأكل والشرب والجماع حتى يتحقق الفجر قال: ولم يقل أحد بتحريمه إلا مالك فإنه حرمه، وأوجب عليه القضاء، وعن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال:«كان لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤذنان بلال وابن أم مكتوم، قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا» . رواه البخاري، ومسلم.
وعن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«تسحرنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قمنا إلى الصلاة. قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال خمسين آية» . رواه البخاري ومسلم.
١ -
فإن قيل: ما وجه تأخير السحور من أخلاق المرسلين وهو مخصوص بأهل الإسلام، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب بأكل السحور.
أجيب بجوابين آخرين أيضاً:
أحدهما: أن يقال: لا نسلم أنه لم يكن من علتهم لجواز أن يكون ونحن لا نعلم والآخر أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قال: ثلاث من سنن المرسلين أي ثلاث خصال لهم فلا يلزم منه أن يكون لكل واحد منهم ثلاث خصال لجواز أن يكون كل واحد منهم مخصوصاً بخصلة كما يقال للعلماء خصال حميدة في البحث، والمناظرة، والتصنيف، فلا يلزم أن تكون الكل مجتمعة في واحد ورأيت حاشية نسبت إلى شيخنا علاء الدين السيراجي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهي أنه قال: الأشبه في الجواب أن يقال اللام في المرسلين للجنس إذ لا عهد فيكون من أخلاق نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن الجنس يصدق على الواحد أو يكون ذلك من خواصهم والله أعلم.
م:(إلا أنه إذ شك في الفجر) ش: فحينئذ ترك التسحر هو المستحب للاحتراز عن الوقوع في الحرام، ومع هذا لا يجب عليه ذلك كما يجيء الآن م:(ومعناه) ش: أي معنى الشك م: (تساوي الظنين الأفضل أن يدع الأكل تحرزا عن المحرم) ش:. قيل: هذه العبارة فيها مسامحة لأن الظن رجحان الاعتقاد فكيف يكون بقاء الليل عنده راجحاً على طلوع الفجر، وطلوع الفجر راجحاً على بقاء الليل والظن هو راجح، والمرجوح وهم، وإذ يساويان، ومراده بذلك تساوي الأمارتين، فالأفضل أن يدع الأكل، والشرب. م:(ولا يجب عليه ذلك) ش: أي ترك السحور وروى الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يجب عليه ذلك احتياطاً في أمر الدين م: (ولو أكل