للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

لم يرفع بحديث بسرة يعني لم يعتبره ولم يلتفت إليه، وذلك إما لكون بسرة عنده ممن لا يوجد مثل ذلك الحكم عنها، ولو ذلك لكونها انفردت بهذه الرواية مع عموم الحاجة إلى معرفته، وما بال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقل هذا بين يدي كبار الصحابة، ولم ينقله أحد منهم إنما قاله بين يدي بسرة وقد كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشد حياء من العذراء في خدرها وإما لكون مروان ليس في حال من يجب القبول عن مثله فإنه خبر شرطي مروان عن بسرة دون خبره عنها فإن كان خبر مروان عنده غير مقبول، فخبر شرطية أخرى أن لا يكون مقبولا.

فإن قلت: مروان احتج البخاري به على ما ذكرنا.

قلت: لا يلزم من ذلك أن يكون ثقة عند عروة وإنما روى عروة خبره لعلة فيه قد ظهرت لعروة ولا سيما حين خرج على عبد الله بن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

فإن قلت: قال ابن حزم مروان لا يعلم له خروج قبل خروجه على ابن الزبير، ولم يكن قط لقي عروة إلا قبل خروجه على أخيه لا بعد خروجه.

قلت: لا دليل على هذه الدعوى، فإذا قام دليل ينظر فيه. والجواب عن تصحيح الترمذي هذا الحديث هو أنه يعارضه قول يحيى بن معين، قلت: ثلاثة أحاديث لا تصح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها هذا، ويحيى بن معين هو العمدة في هذا الشأن، وإليه المرجع في التصحيح والتضعيف.

فإن قلت: قال بعض من عنده تعصبا فاسدا من أهل هذا الزمان سئل بعض المخالفين عن يحيى بن معين أنه قال: ثلاثة أحاديث لا تصح: حديث مس الذكر، ولا نكاح إلا بولي، وكل مسكر حرام. وقال: يعرف هذا عن سفيان ولا يعرف هذا عن ابن معين.

قلت: لم يقم الدليل على ذلك حتى ينظر فيه على أن الإثبات مقدم على النفي، وبذلك يجاب عن قول ابن الجوزي أيضا أن هذا لا يثبت عن ابن معين، والجواب عن قول البخاري أنه أصح شيء في هذا الباب، أن مراده هو على كلامه أصح من غيره من أحاديث الباب، وقد اعتد ابن العربي بهذه العبارة فحكى عن البخاري تصحيحه، وليس كذلك، فإن البخاري لو رضي به لأخرجه في صحيحه ولم يخرجه هو، ولا مسلم، ولئن تنزلنا وسلمنا بثبوته فتأويله من بال فيحمل مس الذكر كناية عن البول، لان من يبول يمس ذكره عادة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: ٤٣] (النساء: الآية ٤٣) ولكنى به عن الحدث، أو يكون المراد من قوله: "فليتوضأ" غسل اليدين كما في قوله: «الوضوء قبل الأكل ينفي الفقر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>