الزبيدي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ» . وأخرجه الطحاوي وقال لهم: أنتم تزعمون أن عمرو بن شعيب لم يسمع من أبيه شيئا عنه، وإنما حديثه عن صحيفة فهذا غير قولكم منقطع، والمنقطع لا يجب أن ترونه حجة عندكم.
فإن قلت: إذا كان الطحاوي يحتج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فما باله لم يقل لم يعمل بحديثه هذا.
قلت: لأنه عارضه حديث طلق بن علي فلم يكن العمل به لتأخر حديث طلق عنه، فثبت بذلك انتساخ أحاديث الانتقاض بمس الفرج.
فإن قلت: حديث أبي هريرة الذي ذكرناه في هذا الباب ناسخ لحديث طلق لأن طلقا قدم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ابتداء الهجرة والمسجد على العريش وأبو هريرة أسلم سنة سبع من الهجرة فكان حديثه متأخرا والأخذ بأحد الأمرين واجب لأنه ناسخ. والطبراني أيضا مال إلى أن حديث طلق منسوخ. قلت: روى أبو داود «عن ابن طلق عن أبيه قال: قدمنا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله: ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما توضأ، قال:"هل هو إلا بضعة منك أو بضعة منه» ففي قوله ما ترى إلى آخره، دلالة على أنه كان بلغه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شرع فيه الوضوء فأراد أن يتيقن ذلك، وإلا فالمستقر عندهم أن الأحاديث إنما كان من الخارج النجس وإلا فالعقل لا يهتدي إلى أن مس الذكر يناسبه نقض الوضوء، فعلى هذا يكون حديث طلق هو آخر الأمرين. وكان أبو هريرة تأخر سمعه من بعض الصحابة ثم أرسله.
وجواب آخر: دعوى النسخ إنما يصح بعد ثبوت صحة الحديث ونحن لا نسلم صحة حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وحديث عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عند الدارقطني في "سننه " عن رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«من مس ذكره فليتوضأ وضوء الصلاة» .