ولأن المقصود الثناء، وإظهار العبودية فلا يمنع من الزيادة عليه.
قال: وإذا لبى فقد أحرم، يعني إذا نوى؛ لأن العبادة لا تتأدى إلا بالنية.
ــ
[البناية]
قريب، وعن ابن مسعود أنه لبى غداة جمع، فقال رجل ومن هذا الأعرابي، فقال عبد الله لبيك عدد الحصى والتراب، فقيل له ابن مسعود فانساب الرجل في الناس، رواه سعيد بن منصور، وذكره في " الأسرار " والمبسوط ".
وفي " جامع المحبوبي " أجهل الناس أم طال العهد لبيك عدد التراب، وأراد بالعهد عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي رواية لبيك حقاً حقاً تعبدا ورقا، لبيك عدد التراب، لبيك ذا المعارج، لبيك لبيك إله الخلق، لبيك لبيك والرغبة إليك، من عبد آبق لبيك، وأما زيادة أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على التلبية المشهورة فقد ذكرناها عن قريب.
م: (ولأن المقصود به الثناء، وإظهار العبودية فلا يمنع من الزيادة عليه) ش: لأنه كلما زاد من ذلك كان أفضل، أما الأذان فلأنه للإعلام بدخول الوقت، فإذا زاد على المشهور يعتقد أنه ذكر الثناء على الله لا للإعلام بدخول الوقت، وأما التشهد فإنه يدعو في الثاني بما شاء، والزيادة على التشهد الأول إخلال بنظم الصلاة.
فإن قلت: هل ورد أن الأنبياء كانوا يلبون إذا حجوا.
قلت: ذلك ذكر في " مناسك الطبري " عن الأزرقي بتلبية الأنبياء - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مثنى، منهم يونس بن متى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يقول لبيك فراج الكرب، وكان موسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لبيك أنا عبدك لديك، لبيك لبيك. وتلبية عيسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبيك أنا عبدك وابن أمتك.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (وإذا لبى فقد أحرم) ش: يعني دخل في الإحرام م: (يعني إذا نوى) ش: لا يصير محرماً بمجرد التلبية فلا بد من النية م: (لأن العبادة لا تتأدى إلا بالنية) ش: للحديث المشهور، وقال الأترازي: والعجب من صاحب الهداية مع جلالة قدره تكلم في هذا الموضع بلا تفكر، حيث فسر قول القدوري بقوله يعني إذا نوى - وطول كلامه فيه، ثم قال: ولقد صدقوا في قولهم لكل جواد كبوة.
حاصل كلامه أن القدوري أشار إلى النية فيما تقدم بقوله - يعني إذا نوى، فإن كان الفرد بالحج نوى بتلبية الحج وصوم بالنية، ومع التصريح كيف يجوز أن يقال لم يذكر النية، وكيف يحتاج من له تمييز إلى تفسير ذلك بقوله يعني إذا نوى.
قلت: سبحان الله هذا كلام لا طعم له؛ فإنه ما ارتكب شيئاً يوجب الإنكار عليه، غاية ما في هذا الباب زيادة إيضاح وتنبيه إلى لزوم النية من كل بد، وربما لا يطلع أحد على قوله فيما مضى واطلع على هذا الموضع وليس فيه الإشارة إلى أن يتوهم أن النية ليست بشرط، فأراد ذلك