ولا قباء، ولا خفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين، لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يلبس المحرم هذه الأشياء، وقال في آخره:«ولا خفين إلا أن يجد نعلين فليقطعهما أسفل الكعبين» .
ــ
[البناية]
القلنسوة فيهما.
م:(ولا قباء) ش: أي ولا يلبس قباء، المراد به اللبس المعتاد، حتى قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يحرم لبس القباء على المحرم إلا إذا أدخل يديه في كمه، وبه قال النووي وأبو ثور والحربي من الحنابلة، وعند الشافعية والمالكية والحنابلة لا يتوقف تحريم لبسه على إدخال اليدين في كميه.
م:(ولا خفين) ش: أي ولا يلبس خفين م: (إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين) ش: وقال عطاء وأحمد بن حنبل لا يقطعهما استدلالاً «بحديث ابن عباس، قال سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب بعرفات من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل» ولم يذكر القطع.
ولنا حديث الكتاب وهو قوله م:(لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يلبس المحرم هذه الأشياء، وقال في آخره: ولا خفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين) ش: أراد بهذه الأشياء القميص والسراويل والعمامة والقلنسوة والخفين، والحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، «قال رجل: يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام، قال: لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فيلبس الخفين، وليقطع أسفل الكعبين....» الحديث.
والعمل بحديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أولى من العمل بحديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لأنه لم ينقل عنه صفة لبس الخفين، ونقلها ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ولأن من زاد حفظ ما لم يحفظه الذي اختصر، والعجب من الأخصام أنهم يحملون المطلق على المقيد ولا سيما في حادثة واحدة، وهذا لو أمن ذلك.
فإن قلت: زعمت الحنابلة أن حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - منسوخ بحديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لأنه بعرفات، وحديث ابن عمر كان بالمدينة، وكذا ذكره الدارقطني أجيب بأن هذا جهل بأصول الفقه، لأن المطلق والمقيد لا يتناسخان عندهم، مع أن حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رواه أيوب والثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وابن جريج وهشام وشعبة كلهم من حديث عمرو بن دينار عن جابر بن زيد، ولم يقل أحد منهم بعرفات غير شعبة وانفراد الواحد عن الثقات يوجب الضرر، فيما انفرد به عندهم.