إلا أنه إذا استقبل الحطيم وحده لا تجزيه الصلاة؛ لأن فرضية التوجه ثبتت بنص الكتاب، فلا تتأدى بما ثبت بخبر الواحد احتياطا، والاحتياط في الطواف أن يكون وراءه،
قال: ويرمل في الثلاثة الأول من الأشواط، والرمل: أن يهز في مشيته الكتفين كالمبارز يتبختر بين الصفين، وذلك مع الاضطباع
ــ
[البناية]
الحطيم من البيت م:(إلا أنه إذا استقبل الحطيم وحده لا تجزيه الصلاة) ش: هذا استثناء من قوله: - وهو من البيت - جواب سؤال مقدر بأن يقال: لو كان الحطيم من البيت لجازت الصلاة إذا توجه المصلي إليه، أجاب بأن الصلاة لا تجزئه إذا توجه إليه دون البيت. م:(لأن فرضية التوجه إلى البيت ثبتت بنص الكتاب) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤][البقرة: الآية ١٤٤] ، م:(فلا يتأدى بما ثبت) ش: بالنص القطعي فلا يتأدى بما ثبت م: (بخبر الواحد احتياطاً) ش: لأن فيه شبهة م: (والاحتياط في الطواف أن يكون وراءه) ش: أي وراء الحطيم ليستغرق أطراف البيت.
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(ويرمل في الثلاثة الأولى من الأشواط، والرمل) ش: بفتح الميم، والرملان كذا الهرولة، أشار إليها بقوله م:(أن يهز) ش: أي أن يحول م: (في مشيته الكتفين كالمبارز يتبختر بين الصفين وذلك مع الاضطباع) ش: أي مع كونه مضطبعاً في هذه الحالة وقوله: في مشيته بكسر الميم على وزن فعلة بكسر الفاء، لأن الفعلة للحالة والفعلة بالفتح للمرة، وقال بعضهم: لا رمل اليوم على أهل الآفاق. وقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لا رمل في الطواف، وإنما فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إظهار الجلادة للمشركين على ما روي في عمرة القضاء أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قدم مكة للعمرة عام الحديبية صده المشركون عن البيت، فصالحهم على أن ينصرف ثم يأتي في العام الثاني ويدخل مكة بغير سلاح فيعتمر ويخرج، فلما قدم في العام الثاني أخلوا له البيت ثلاثة أيام وصعدوا الجبل، فطاف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أصحابه فسمع بعض المشركين يقول لبعض أصنامهم حمى يثرب، أي المدينة، فاضطبع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بردائه ورمل، وقال لأصحابه:«رحم الله امرءاً أظهر من نفسه جلداً» فإذا كان الرمل لإظهار الجلد يومئذ، وقد زال ذلك المعنى الآن فلا معنى للرمل.
قلنا: إنه سنة لحديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طاف يوم النحر في حجة الوداع فرمل في الثلاثة الأولى ولم يبق المشركون يومئذ بمكة» . وروي أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما أراد الرمل في طوافه فقال: يا غلام أمر كتفي وليس هنا أحد يراه، ولكني مع الحكم مستغن عن بقاء السبب كما في رمي الجمار سببه طرد الشيطان عن إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثم بقي ذلك الحكم وإن زال السبب، وقيل: الحكمة في الرمل اليوم إراءة القوة والجلادة في الطاعة فإنه حسن في الطاعة يتحمل فيها المشاق، وقيل: إنما يرى الشيطان بأن السفر ما أضناه حتى ينقطع طمعه في وسوستنا