للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ويسعى في بطن الوادي في كل شوط لما روينا، وإنما يبدأ بالصفا

ــ

[البناية]

ومالك وأحمد وأكثر أهل العلم، وذكر الطحاوي أنه يطوف سبعة أشواط من الصفا إلى الصفا ولا يعتبر الرجوع من المروة إلى الصفا، وبه قال ابن جرير الطبري والصيرفي من أصحاب الشافعي، فقال أبو بكر الرازي: هذا غلط لأنه يصير أربعة عشر شوطاً، وإنما عليه م: (سبعة أشواط) ش: لأن رواة نسك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتفقوا على أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طاف بينهما سبعة أشواط لا أربعة عشر، وهي ما قال م: (يبدأ بالصفا) ش: في كتاب بدأ بالصفا.

م: (ويختم بالمروة) ش: أي يبدأ الشوط الأول من الصفا ويختم الشوط السابع بالمروة، ولو كان الأمر كما قاله الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقال: يبتدئ لكل شوط بالصفا، كذا في " المبسوط " وفي " المجتبى " إنما قال: يبدأ بالصفا ويختم بالمروة حتى لا يظن أن كل شوط يبدأ بالصفا ويختم به شوط واحد، وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وقد ضعفوا قول الطحاوي في عامة كتب أصحابنا بعضهم قالوا: ذلك غلط وبعضهم: ليس بصحيح، وعندي لما قال الطحاوي وجه لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رقى على الصفا قال: " نبدأ بما بدأ الله به "، وأراد به قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] [البقرة: الآية ١٥٨] ، فيفهم منه أن يبدأ بالصفا في كل شوط، لأن الحديث مطلق فيه يبدأ به كل شوط فإن كان البداءة في كل شوط من الصفا يكون المضي من الصفا إلى المروة، والعود من المروة إلى الصفا شوطاً واحداً لا محالة.

إنا نقول: إن أهل الحديث أوردوه في عامة كتبهم أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعى بين الصفا والمروة سبعاً ولم يذكروا أن البداءة من الصفا شوط والعود من المروة شوط، ويحتمل أن طواف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ما قال الطحاوي يحتمل أن يكون على ما قاله، أو نقول في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نبدأ محذوف والمفعول إذا كان محذوفاً يقدر أعم الأشياء لا أخصها، لعدم الألوية، فيكون حينئذ تقدير الكلام نبدأ كل شوط من الأشواط بما بدأ الله به، أي بالصفا، فيكون الأمر على ما قاله الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - انتهى.

قلت: فيه نظر، لأنا لا نسلم أن المفعول فيه محذوف، لأن قوله: بما بدأ الله به، هو المفعول في الحقيقة، لأن كلمة (ما) مصدرية، فالتقدير يبدأ بابتداء الله تعالى، أو موصولة، فالتقدير نبدأ بالذي بدأ الله به وهو الصفا، فمن أين يأتي ما ذكره.

م: (ويسعى في بطن الوادي في كل شوط) ش: المراد من السعي الهرولة م: (لما روينا) ش: أشار به إلى قوله أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نزل من الصفا وجعل يمشي ويسعى في بطن الوادي م: (وإنما يبدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>