فيفصل بين كل خطبتين بيوم. وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - يخطب في ثلاثة أيام متوالية، أولها يوم التروية، لأنها أيام الموسم ومجتمع الحاج. ولنا أن المقصود منها التعليم ويوم التروية، ويوم النحر يوم اشتغال، فكان ما ذكرناه أنفع، وفي القلوب أنجع، فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى فيقيم بها حتى يصلي الفجر من يوم عرفة؛ لما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الفجر يوم التروية»
ــ
[البناية]
وطواف الصدر، ولا يحتاج يوم النحر إلى خطبة، لأنهم قد علموا ما يحتاجون إليه في خطبة يوم عرفة، وما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطب يوم النحر، فإنها لم تكن خطبة من خطب الحج، وإنما كانت من خطب الوداع علمهم الأحكام لما علم أنه لا يتحقق مثله بعدها من الاجتماع والكثرة.
م:(يفصل بين كل خطبتين بيوم) ش: أي يفصل الخطيب الذي هو الإمام بين كل خطبتين من الخطب الثلاثة بيوم، وذلك كما ذكره أن الأولى قبل يوم التروية بمكة، والثانية يوم عرفة وبينهما يوم، وهو يوم التروية الثامن من الشهر، والثالثة في يوم الحادي عشر، وبينهما يوم وهو يوم العيد العاشر من شهره.
م:(وقال زفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يخطب في ثلاثة أيام متواليات) ش: أي متتابعات م: (أولها يوم التروية، لأنها أيام الموسم) ش: أي لأن هذه الأيام الثلاثة أيام الموسم، وفي " المغرب " موسم الحاج سوقهم ومجتمعهم مشتق من الوسم وهو العلامة م: (ومجتمع الحاج) ش: أي موضع اجتماعهم م: (وذلك أن المقصود تعليمهم ما يقع في هذه الأيام) ش: فيجب أن تكون الخطب فيها.
م:(ويوم التروية، ويوم النحر يوم اشتغال) ش: جمع شغل، أما يوم التروية فيوم حاجتهم إلى الخروج إلى منى، وأما يوم النحر فلاشتغالهم بالحلق والرمي والطواف فلا تفيد الخطبة فيها، وبقولنا قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يخطب في اليوم السابع م:(فكان ما ذكرناه) ش: أي من التفريق بين كل خطبتين م: (أنفع) ش: مما قاله زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(وفي القلوب أنجع) ش: من نجع الوعظ إذا أثر.
م:(فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى) ش: يعني بعد طلوع الشمس، وعند عمر ابن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إلى منى قبل الزوال، وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - ويستحب أن ينزل عند مسجد الخيف م:(فيقيم بها) ش: أي بمنى م: (حتى يصلي الفجر من يوم عرفة) ش: أي إلى أن يصلي الفجر الذي صبيحة يوم عرفة، وقال الرغيناني: يصلي الفجر بمنى بغلس، وفي مناسك الكرماني - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يصلي في وقته، وفي " الوتري " يصلي في وقته المعروف، فإذا طلعت الشمس على ثبير وهو أعلى جبل بمنى راح إلى عرفة مع الناس وعليه السكينة والوقار، وفي خزانة الأكمل يذهب إلى عرفة بعد صلاة الغداة.
م: (لما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الفجر يوم التروية بمكة، فلما طلعت الشمس راح إلى منى فصلى