ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن التقديم ورد على خلاف القياس عرفت شرعيته فيما إذا كان العصر مرتبة على ظهر مؤدى بالجماعة مع الإمام في حالة الإحرام بالحج فيقتصر عليه، ثم لا بد من الإحرام بالحج قبل الزوال في رواية تقديما للإحرام على وقت الجمع، وفي أخرى يكتفي بالتقديم على الصلاة؛ لأن المقصود هو الصلاة. قال: ثم يتوجه إلى الموقف فيقف بقرب الجبل، والقوم معه عقيب انصرافهم من الصلاة؛ لأن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - راح إلى الموقف عقيب
ــ
[البناية]
" شرح الطحاوي " - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(ولأبي حنيفة أن التقديم) ش: أي تقديم العصر قبل وقته م: (ورد على خلاف القياس عرفت شرعيته) ش: أي عرفت مشروعيته، وفي بعض النسخ عرفنا شرعيته م:(فيما إذا كان العصر مرتبة على ظهر مؤدى بالجماعة مع الإمام في حالة الإحرام بالحج فيقتصر عليه) ش: أي على مورد النص، وإنما قيد الإحرام بالحج لما روى محمد عن أبي حنيفة - رحمهما الله - أنه كان حين صلى الظهر مع الإمام محرماً بالعمرة ثم أحرم بالحج قبل العصر لم يجزئه، لأن إحرام العمرة لا تأثير له في جواز الجمع، فوجوده وعدمه سواء.
م:(ثم لا بد من الإحرام بالحج قبل الزوال) ش: أي لا بد في جواز الجمع بين الصلاتين بأن يكون محرماً من قبل الزوال، لأن الإحرام شرط جواز الجمع، وشرط الشيء يسبقه، ولهذا لا يجوز الجمع قبل الزوال، م:(في رواية تقديما) ش: أي لأجل التقديم م: (للإحرام على وقت الجمع) ش: تحقيق وجه هذه الرواية أن بالزوال يدخل وقت الجمع، ويختص بهذا الجمع المحرم بالحج، فيشترط تقديم الإحرام على الحج قبل الزوال.
م:(وفي أخرى) ش: أي وفي رواية أخرى م: (يكتفي بالتقديم) ش: أي بتقديم الإحرام م: (على الصلاة لأن المقصود هو الصلاة) ش: أي لأن المصنف اشترط الإحرام هو لأجل الصلاة لا لأجل الوقت، حتى إن الحلال لو صلى الظهر مع الإمام ثم أحرم فصلى العصر أو المحرم بالعمرة صلى مع الإمام ثم أحرم بالحج فصلى العصر معه لم تجز العصر إلا في وقتها.
م:(قال) ش: أي القدوري م: (ثم يتوجه) ش: أي الإمام م: (إلى الموقف) ش: بكسر القاف م: (فيقف بقرب الجبل) ش: أي الجبل الذي يسمى جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط عرفات، يقال له ألال على وزن هلال، والجوهري فتح همزته. وقال النووي المعروف كسرها، وذهب ابن جرير والماوردي إلى أنه يستحب الوقوف على جبل الرحمة الذي هو بوسط عرفات، ويقال له جبل الدعاء، قيل هو موقف الأنبياء - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -. وقال النووي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ولا أصل له إذ لم يرد به حديث صحيح ولا ضعيف، والصواب الاعتناء بموقف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
م:(والقوم معه) ش: أي يتوجه القوم مع الإمام م: (عقيب انصرافهم من الصلاة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راح إلى الموقف عقيب الصلاة) ش: كما في حديث جابر الذي رواه مسلم مطولاً.