للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام؛ لأنه يدعو، ويعلم، فيعوا، ويسمعوا، وينبغي أن يقف الحاج وراء الإمام ليكون مستقبل القبلة، وهذا بيان الأفضلية لأن عرفة كلها موقف على ما ذكرنا. قال: ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف بعرفة ويجتهد في الدعاء. أما الاغتسال فهو سنة، وليس بواجب، ولو اكتفى بالوضوء جاز كما في الجمعة والعيدين، وعند الإحرام. وأما الاجتهاد فلأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجتهد في الدعاء في هذا الموقف لأمته فاستجيب له إلا في الدماء والمظالم

ــ

[البناية]

م: (قال: وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام؛ لأنه يدعو، ويعلم، فيعوا) ش: أي فيحفظوا من الوعي، أصله يوعيوا، حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة، واستثقلت الضمة على الياء، فحذفت بعد سلب حركتها إلى ما قبلها م: (ويسمعوا) ش: حذفت النون منه ومن قوله - فيعوا - علامة للنصب، لأنهما معطوفان على قوله - أن يقفوا - الذي سقط منه النون لأجل الناصب.

م: (وينبغي أن يقف وراء الإمام ليكون مستقبل القبلة) ش: لأن وجه الإمام إلى القبلة، فشكل من يقف وراءه أن يكون مستقبل القبلة م: (وهذا) ش: أي وقوف الحاج وراء الإمام م: (بيان الأفضلية لأن عرفة كلها موقف) ش: ففي أي موضع من عرفة وقف جاز م: (على ما ذكرنا) ش: أشار به إلى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عرفة كلها موقف إلى آخره.

م: (قال: ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف ويجتهد في الدعاء. أما الاغتسال فإنه سنة، وليس بواجب) ش: إنما قال أولاً ويستحب أن يغتسل، ثم قال أما الاغتسال فهو سنة، لأنه في صدد الشرح لكلام القدوري، فإنه قال يستحب أن يغتسل فنقله ثم قال: إنه سنة وكل سنة مستحبة من غير عكس، وقيد بقوله - وليس بواجب - لدفع وهم من يتوهم أن الاغتسال سنة مؤكدة، وهي كالواجب في القوة، وما رأيت أحداً من الشراح نبه لمثل هذا الدعاء.

م: (ولو اكتفى بالوضوء جاز كما في الجمعة والعيدين، وعند الإحرام. وأما الاجتهاد فلأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: (اجتهد في الدعاء في هذا الموقف لأمته فاستجيب له إلا في الدماء والمظالم) ش: هذا أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن عبد القاهر بن السري عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه كنانة عن أبيه عباس بن مرداس «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظالم، قال رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم، فلم يجبه، عشيته، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء، فأجيب بما سأل، فضحك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو قال فتبسم فقال أبو بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بأبي أنت وأمي إن هذه ساعة ما كنت تضحك فيها، فما الذي أضحكك أضحك الله سنك، قال: " إن عدو الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثو على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>