للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الحلق أكمل في قضاء التفث وهو المقصود، وفي التقصير بعض التقصير، فأشبه الاغتسال مع الوضوء، ويكتفى في الحلق بربع الرأس اعتبارا بالمسح، وحلق الكل أولى اقتداء برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي التقصير أن يأخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة.

ــ

[البناية]

م: (لأن الحلق أكمل في قضاء التفث) ش: أي في إزالة الوسخ، لأن قضاء التفث قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، والتفث بالفتحات الوسخ، ومادته بالمثناة من فوق وفاء وتاء مثلثة، وكون الحلق أكمل إجماع، واختلف فيمن وجب عليه الحلق، وليس على رأسه شعر، قيل يجب عليه إمرار الموسى على رأسه، وبه قال مالك وبعض أصحاب الشافعي - رحمهما الله -، لأن الواجب عليه إمرار الموسى على رأسه وإزالة الشعر، إلا أنه عجز عن أحدهما وقدر على الآخر، فما قدر عليه بقي وما عجز عنه سقط، وقال بعضهم يستحب وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - م: (وهو المقصود) ش: أي إزالة التفث هو المقصود.

م: (وفي التقصير بعض التقصير) ش: أي في تقصير شعر رأسه بعض التقصير في إقامة السنة وإنما قيد بالبعض لأن كلاً من الحلق والتقصير جائز، ولكن الحلق أفضل من التقصير، وفيه نوع قصور م: (فأشبه الاغتسال مع الوضوء) ش: فإن المغتسل إذا ترك الوضوء واكتفى بغسله فإنه يجوز، ولكن الأفضل أن يتوضأ أولاً ثم يغتسل، فإن في ترك الوضوء نوع قصور.

م: (ويكتفي في الحلق بربع الرأس اعتبارا بالمسح) ش: في الوضوء، لأن الربع يقوم مقام الكل م: (وحلق الكل أولى اقتداء برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي أفضل، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعنده أقل ما يجزئ ثلاث شعرات أو يقصر بها، وقال مالك وأحمد - رحمهما الله - بحلق الكل أو الأكثر بناء على مسح الرأس، وفي حمل النوازل حلق كله مسنون.

م: (وفي التقصير أن يأخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة) ش: وهذا التقدير مروي عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وعليه إجماع الأمة والمرأة فيه كالرجل. وفي " الولوالجي " تقصر ربع رأسها مقدار الأنملة - وكذا الرجل تأخذ من كل قرن بقدر الأنملة، ولو تنور حتى زال شعره فهو كالحلق، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ومن لا شعر له لو أمر موسى لا يأخذ من لحيته أو شاربه. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يأخذ استحباباً، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - لأن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فعل ذلك. قلنا: فعل ذلك اتفاقاً لا قصداً، والحلق من يمين الحالق، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - من يمين المحلوق، فاعتبرنا يمين المحلوق، وقال الكرماني ذكره بعض أصحابنا ولم يعزه إلى أحد، بل الأولى اتباع السنة، فإنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بدأ بيمينه.

وقال الكاكي: وقد أخذ أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقول الحجام حين قال أذن الشق الأيمن من رأسه وفيه حكاية معروفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>