للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان وقتهما واحدا، وأول وقته بعد طلوع الفجر من يوم النحر؛ لأن ما قبله من الليل وقت الوقوف بعرفة والطواف مرتب عليه، وأفضل هذه الأيام أولها كما في التضحية

ــ

[البناية]

{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] (الحج: الآية ٢٨) ، والمراد بالذكر والله أعلم التسمية على ما ينحر لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨] قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٢٨] ليس بأمر لازم، إن شاء أكل من أضحيته، وإن شاء لم يأكل، وهذا الأمر كما في قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] (المائدة: الآية ٢) ، فإن مثل هذا الأمر للإباحة سعة لنا، وإذا قلنا بالوجوب يعود علينا.

قوله - البائس - هو الذي له بؤس، وهو شدة الفقر، يقال بئس الرجل، وبئس إذا صار ذا بؤس. قوله تفثهم التفث الأخذ من الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والأخذ من الشعر وكأنه الخروج من الإحرام إلى الإحلال، والبيت العتيق القديم، سمي به لأنه أعتق من الغرق أيام الطوفان، وقيل: إنه أعتق من الجبابرة فلم يغلب عليه جبار، وقيل: لأنه لم يدعه أحد من الناس. قوله ثم قال وليطوفوا بالبيت العتيق فإنه عطف النحر، والنحر مؤقت بأيام النحر.

م: (فكان وقتهما واحداً) ش: أي وقت النحر والطواف، لأن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه، إلا أن الأضحية لم تشرع بعد أيام النحر والطواف مشروع بعد ذلك.

فإن قلت: هذا الطواف يجوز أداؤه بعد أيام النحر، ولو كان مؤقتاً لما جاز القضاء بعد الوقت كرمي الجمار والوقوف بعرفة.

قلت: إنما لا يجوز قضاؤهما بعد الوقت لا لأنهما مؤقتان، بل لأن القضاء شرع بالتطوع، والتطوع بهما غير مشروع، بخلاف التطوع بالطواف، فإنه مشروع، كذا في " مبسوط " البكري. م: (وأول وقته) ش: أي أول وقت طواف الزيارة م: (بعد طلوع الفجر من يوم النحر لأن ما قبله من الليل وقت الوقوف بعرفة، والطواف مرتب عليه) ش: أي على الوقوف، وبقولنا قال مالك وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أول وقته إذا انتصف الليل من ليلة النحر، وبه قال أحمد، وآخر وقته اليوم الثاني من أيام التشريق، فإن أخره عنها طاف وعليه دم عند أبي حنيفة.

وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لا شيء عليه، وفي " شرح القدوري ": آخره آخر أيام التشريق عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعندهما آخره غير موقت، وبه قال الشافعي وأحمد وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - آخره بمضي ذي الحجة، وعن الشافعي وأحمد - رحمهما الله - أول وقته من نصف الليل، وأفضله ضحى نهاره، وآخره غير مؤقت.

م: (وأفضل هذه الأيام) ش: أي أيام النحر م: (أولها كما في الأضحية) ش: فإن التضحية في

<<  <  ج: ص:  >  >>