للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان نزوله قصدا، وهو الأصح حتى يكون النزول به سنة على ما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأصحابه: «إنا نازلون غدا عند خيف بني كنانة حيث تقاسم المشركون فيه على شركهم»

ــ

[البناية]

ومنها ما أخرجه مسلم عن نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا بكر، وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كانوا ينزلون بالأبطح» .

ومنها ما رواه مسلم أيضاً «عن أبي رافع مولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لم يأمرني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أنزل بالأبطح من حين خرج من منى، ولكن جئت فضربت قبة في منزل، قال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وكان على ثقل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

م: (وكان نزوله قصدا) ش: أي وكان نزول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمحصب قصداً م: (وهو الأصح حتى يكون النزول به سنة) ش: قوله: وهو الأصح احترازاً عما قاله بعض أصحابنا أن النزول بالمحصب ليس بسنة، واحتجوا على ذلك بما روى البخاري، عن عطاء، عن ابن عباس، قال ليس التحصيب بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعن هذا قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: التحصيب مستحب، وليس بسنة، وبه قال مالك، وذهب المصنف وآخرون أنه سنة؛ لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نزل به قصداً، رآه المشركون لطيف صنع الله تعالى به من الفتح، والنصر وإهانة لهم، فكان سنة كالرمل في الطواف، ومعنى ليس التحصيب بشيء ليس بنسك مفروض.

م: (على ما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: (قال لأصحابه: «إنا نازلون غدا عند خيف بني كنانة حيث تقاسم المشركون فيه على شركهم» ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة عن عمرو بن عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله أين ننزل غداً أي في حجه، قال: " هل ترك لنا عقيل منزلاً " قال: " نحن نازلون بخيف كنانة حيث قاسمت قريش على الكفر» وذلك أن بني كنانة خالفت قريشاً على بني هاشم أن لا يناكحوهم، ولا يودوهم، ولا يبايعوهم.

وأخرجه البخاري، ومسلم أيضاً عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: قال لنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن بمنى: «نحن نازلون غدا ًبخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر» وذلك أن قريشاً وبني كنانة تحالفت على بني هاشم، وبني المطلب أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني بذلك المحصب، وقد ذكر الأترازي الحديث أولاً، فقال: وقد روى صاحب " السنن " بإسناده إلى أسامة بن زيد فذكره، ثم قال: وأخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، فكان ما اطلع أولاً على تخريج البخاري، ومسلم ثم استدركه وليس هذا طريقة من له يد في الحديث.

وقال أيضاً: قوله: «خيف بني كنانة» كما ذكرنا في " السنن " بلا تكرار الخيف خيفان، وعلى ما ذكره صاحب " السنن "، يكون الخيف الثاني عطف بيان؛ لأن الخيف خيفان،

<<  <  ج: ص:  >  >>