ومن أغمي عليه فأهل عنه رفقاؤه جاز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقالا: لا يجوز، ولو أمر إنسانا بأن يحرم عنه إذا أغمي عليه، أو نام فأحرم المأمور عنه صح بالإجماع، حتى إذا أفاق أو استيقظ، وأتى بأفعال الحج جاز. لهما أنه لم يحرم بنفسه، ولا أذن لغيره به، وهذا لأنه لم يصرح بالإذن منه
ــ
[البناية]
فإن قلت: يشكل على هذا ما إذا طاف حول البيت خلف غريمه، أو خائف من سبع، ولا ينوي الطواف لا يجزئه، وإن وجدت النية في أصل الإحرام مع أنه ركن.
قلت: الوقوف ركن عبادة، وليس بعبادة مقصودة، ولهذا لا ينتفل به، بخلاف الطواف؛ فلأنه عبادة مقصودة، ولهذا ينتفل به فلا بد من وجود أصل النية فيه.
م:(ومن أغمي عليه فأهل عنه) ش: أي أحرم م: (رفقاؤه جاز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: يعني أحرموا عن أنفسهم بطريق الأصالة، وعن الرفيق بطريق النيابة، حتى لو قتل صيداً عليه دم واحد، كذا في " المبسوط "، وصورة المسألة أن الرفقاء إذا لبسوا الرداء، أو تجنبوا المحظورات صار هو محرماً، ويتداخل الإحرامان، وصار إحرامهم عنه كإحرام الأب عن ابنه الصغير، وإنما قيد بإهلال الرفقاء عنه لأنه إذا أحرم عنه واحد من عرض الناس اختلف المشايخ فيه على قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قال الشيخ أبو عبد الله الجرجاني: كان الجصاص يقول: لا يجوز، ثم رجع، وقال: يجوز.
م:(وقالا: لا يجوز) ش: وهو قول عامة الفقهاء، وهذا الخلاف فيما إذا لم يوجد الإذن بالإحرام من المغمى عليه صريحاً، فأما إذا أذن صريحاً جاز بالاتفاق، وأشار إليه بقوله م:(أمر إنسانا) ش: أي فلو أمر رجل رجلاً م: (بأن يحرم عنه إذا أغمي عليه، أو نام فأحرم المأمور صح بالإجماع، حتى إذا أفاق أو استيقظ) ش: الآمر بذلك م: (وأتى بأفعال الحج جاز) ش: أراد بالإجماع عند أصحابنا؛ لأن عند مالك، والشافعي، وأحمد لا يجوزون ذلك. وقال النووي: لا يجوز عند أبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله -، سواء كان أذن له فيه قبل الإغماء أم لا، وهذا النقل غلط.
واعتراض القرافي على الإمام فقال: لو وكل في ذلك لم يصح مع القصد ومع عدمه أولى، ورد عليه بأن قياسه على التوكيل باطل بلا شبهة؛ لأن التوكيل بخلاف الاتفاق على الصحة لا البطلان فليت شعري ما سنده في هذا.
م:(لهما) ش: أي لأبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله - م:(أنه) ش: أي الذي أغمي عليه فأهل عنه رفقاؤه م: (لم يحرم بنفسه، ولا أذن لغيره به) ش: أي بالإحرام إذا أغمي عليه م: (وهذا) ش: أي هذا الذي ذكرناه من أنه لم يحرم بنفسه، ولا بإذن منه لغيره، لا يكون محرماً م:(لأنه لم يصرح بالإذن منه) ش: لأنه إما بالصريح، أو بالدلالة، فالصريح منتقلاً في الكلام في عدم