فإن لم يدخل القارن مكة وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف؛ لأنه تعذر عليه أداؤها؛ لأنه يصير بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج، وذلك خلاف المشروع
ــ
[البناية]
الحسن وقتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إذا دخل في الصوم ثم أيسر مضى في صومه، واختاره ابن المنذر، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومالك وأحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
وقال الأترازي في هذا الموضع كلامًا كثيراً، حاصله أنه أراد الإشكال بيانه أن قوله - فلو لم يقدر إلى قوله - قبل الهدي - لفظ القدوري بعينه في " شرحه " لمختصر القدوري ولكن القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - ساق كلامه في المتمتع وصاحب الهداية نقل ذلك إلى القارن والإشكال أنه هو كيف جعل حكمهما واحداً في الكفارة والمتمتع حكمه في الكفارة حكم المفرد، سواء لأنه محرم بعمرة.
فإذا فرغ منها يجزئه بحجة، وبه صرح في " شرح الطحاوي "، فلما كان كذلك يجب عليه دم واحد للكفارة، كالمفرد إذا جنى، وأما القارن إذا جنى يجب عليه دمان الأجل الجناية إلا أنه لو حلق المفرد قبل الذبح لا يلزمه دم عند أبي حنيفة أيضاً، لأنه لا ذبح على المفرد فلا يتحقق تأخير النسك، فينبغي أن يجب هنا دمان آخران سوى دم النسك بجناية على إحرامين في الحج والعمرة جميعاً، انتهى.
قلت: صاحب الهداية - رَحِمَهُ اللَّهُ - لم ينقل لفظ التمتع إلى القارن قصد الهدي الذي ذكره حتى يرد عليه إشكال، بل نية ذلك أن مراد القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - من لفظ المتمتع هو القران، لأنه يصح إطلاقه عليه من حيث أن كلاً منهما نسكان في الصورة، وإن كان بينهما فرق في الحكم، ولهذا وقع عند بعض الشراح هنا بعد قوله دم التمتع أو القران.
م:(فإن لم يدخل القارن مكة، وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف) ش: هذا لفظ القدوري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مختصره، وذكر صاحب " الهداية " تعليله بقوله م: (لأنه) ش: أي لأن القارن م: (تعذر عليه أداؤها) ش: أي أداء العمرة م: (لأنه يصير بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج، وذلك خلاف المشروع) ش: لأن المشروع أن يكون الوقوف مرتباً على أفعال العمرة. وقال الطحاوي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مختصره إلى عرفات قبل أن يطوف لعمرته، فإن أبا حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يقول قد صار بذلك رافضاً لعمرته حين توجه وعليه دم وعمرة مكانها، ويمضي في حجه. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لا يكون رافضاً لعمرته حتى يقف بعرفات بعد زوال الشمس.
وقال أبو بكر الرازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في شرحه لمختصر الطحاوي: هذا الخلاف الذي ذكر أبو جعفر لا نعرفه، وإنما نعرف عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيها روايتين، وأما رواية " الجامع الصغير " و " الأصل " فإنه لا يكون رافضاً بالتوجه حتى يقف بعرفات بعد الزوال وروى صاحب