ويلطخ سنامها بالدم إعلاما، وهذا الصنع مكروه عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعندهما حسن، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - سنة؛ لأنه مروي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وعن الخلفاء الراشدين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
ــ
[البناية]
يزيد بن هارون حدثنا شعبة عن الحجاج عن قتادة عن أبي حسان عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أتى ذا الحليفة اشعر بدنته في شقها الأيسر ثم سلت الدم بأصبعه، فلما علت به راحلته البيداء لبى» انتهى.
وقال ابن عبد البر في كتاب " التمهيد " هذا عندي منكر، والمعروف حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الذي أخرجه مسلم وغيره من الجانب الأيمن لا يصلح فيه غير ذلك، إلا أن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كان يشعر بدنته من الجانب الأيسر.
قلت: هذا رواه مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في موطئه عن نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وكذلك قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن الإشعار من قبل اليمين ووجه القول بالأشبه إلى الصواب هو أن الهدايا كانت مقبلة إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان يدخل من كل بعير من قبل الرأس، وكان الرمح بيمنه لا محالة، فكان طعنه يقع عادة أولاً على يسار البعير، ثم كان يطعن عن يمينه ويشعر الآخر من قبل يمين البعير اتفاقاً للأول لا قصداً إليه، فصار الأمر الأصلي أحق باعتبار إذا كان واحدا.
م:(ويلطخ سنامها بالدم إعلاما) ش: أي للإعلام بأنها هدي م: (وهذا الصنع) ش: أي الإشعار م: (مكروه عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وقال الخطابي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا أعلم أحداً أنكر الإشعار إلا أبا حنيفة، وقال السروجي: مما ليس بحجة وما لا يعلمه كثير، وبه قال إبراهيم النخعي، ومذهبه قبل مذهب أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م:(وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م:(حسن) ش: وهو أدنى من السنة، وقيل إن معناه إن تركه لا يضره، وفي " جامع الأسبيجابي " الإشعار عندهما وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - سنة، لكن ذكر في " الجامع الصغير " أنه حسن، ولم يذكر أنه سنة.
م:(وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - سنة؛ لأنه) ش: أي لأن الإشعار م: (مروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: وقد مر الآن م: (وعن الخلفاء الراشدين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) ش: وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وقد روى مسلم في صحيحه والأربعة حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلد نعلين وأشعر الهدي» .